العدد 4214
الثلاثاء 28 أبريل 2020
banner
الحب الواعي في زمن الكورونا
الثلاثاء 28 أبريل 2020

تداول الشعراء والأدباء الحديث عن الحب وحكاياته وأغنياته، ثم اكتشفت البشرية بعد ذلك أن هؤلاء الكتّاب نسوا حب النفس والبشرية جمعاء بما في ذلك من يشكّل العدو بالنسبة لهم، فظهرت بعد ذلك موجة مدرّبي تطوير الذات، ليقدّموا ما يعالج نمط التعاطي مع النفس والعلاقات والحياة بوجه عام، أي بالحب ولكن برؤية جديدة، وبين هذا وذاك، ما حقيقة الحب الذي تناوله هؤلاء؟

علميا، الإنسان يحب من حوله عندما يحب حياته، وحياته تعني ذاته، وحب الإنسان ذاته ينبع من إبداعاته التي لا تتحقق إلا عندما يمارس ما يحب ويعشق، لأنه بهذه الممارسة يحيى بين التحدّي والإنجاز، فيكون هناك قبول للتحدي وامتلاء بالإنجاز، حيث يكون هناك إفراز لهرمون الإبينفرين للتنبيه والاستثارة في التحدي والتنافس الداخلي، وبالمقابل ينفرز الدوبامين في مساره في الدماغ الذي يمر على مراكز المتعة الفكرية، لأن ذلك العمل مرتبط بالإلهام الداخلي للإنسان.

في ممارسة الحب الحقيقي الذي هو القيمة العليا الضمنية، يكون هناك توازن منطلق من ذات الإنسان، ذلك الحب نابع من إدراك الإنسان رسالته ودوره على الأرض، فمن منطلق الحب الواعي للذات يحب الإنسان من حوله بوعي، ويكون هناك توازن في ذلك الحب. الآن ونحن عاكفون في بيوتنا، توجد فرصة كبيرة لنكتشف حبنا الحقيقي وندرك ذواتنا، ونبدأ وضع خارطة طريق للوصول لهدف واضح بممارسته. هنا نعود إلى من تحدّث بالحب لنسأله، هل حققت إبداعا وابتكارا من خلال ما تمارسه من عمل؟ هل أنت في توازن بعيد عن الانفعال والتوتر والقلق؟ هل أنت في صحة مستدامة؟ هل أنت في شباب متجدد وجسد حر الحركة وعضلات تحتفل بميلاد الأفكار الجديدة باستمرار؟ هل أنت سعيد بما تقدم لنفسك والعالم أجمع من أثر صالح؟ إذا كانت الإجابة بنعم على كل ما سبق، فأنت إذا تمارس القيمة العليا الذاتية وبتفكير نابع من اتساق القلب والدماغ، أي الفؤاد والعقل، أما بالنسبة للحب الذي عناه السابقون فهو التعلّق ليس إلا، هو مشاعر داعمة للبقاء الجسدي وليس الحياة الباعثة على المشاعر السامية بالحب الموصلة إلى الخلاص والنعيم، تلك هي الروحانية التي هي الحب غير المشروط الذي يتحدث عنه الجميع، هنا فقط تكون عابدا لله عز وجل لأنه الخالق للكون، دعوة إلى التأمل في الذات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية