العدد 4205
الأحد 19 أبريل 2020
banner
تعاون السلطتين
الأحد 19 أبريل 2020

بات أمرًا مؤكدًا أن قوانين عصر كورونا لابد وأن تختلف عن تلك السائدة قبل “الجائحة”، ولأن رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله في مستهل اجتماعاته المكوكية سواء تلك التي ترأس من خلالها اجتماع مجلس الوزراء الإثنين الماضي أم تلك التي دعا فيها رئيسا مجلسي النواب والشورى كانت الأحاديث منصبة حول كيفية التعامل مع عصر الوباء، مع آثاره واجتياحاته، مع تجاذباته وتداعياته، ولأن البصيرة الثاقبة لا تضل جادتها المنشودة عند القادة الحكماء، فإن الأب الرئيس باشر التركيز على ضرورة تعديل بعض القوانين التي تصب في اتجاه دعم بعض الأنشطة والقطاعات الاقتصادية، خاصة تلك التي انعكست عليها الجائحة بشكل سافِر وشامل، أما المواطن فلابد أن يكون القاسم الأعظم المشترك بين هذا وذاك، بين عصر الوباء وتراكماته، وما كان سائدًا قبل “الاجتياح” وتشريعاته.

التعاون بين السلطتين التنفيذية والتشريعية هو كلمة السر في سبر أغوار هذا الدرب الجديد، فالقوانين لا يمكن تغييرها إلا بإعلان نيابي واضح المعالم والتفسيرات، والحماية التشريعية لأي تغيير في منظومة، أو تطوير في نشاط، أو استحداث لسياسة كان وسيظل بمثابة السند الفاعل القاطع الحاسم لأي تحرك مستقبلي بعد أن يزول الخطر، أو حتى بعد مرحلة التعايش مع الجائحة وكأنها أمر واقع، ضيف ثقيل على المعمورة، مستعمر جديد للإنسانية والإنسان.

إن رؤية الرئيس القائد القائمة على سد الذرائع، وتلك المعتمدة على إستراتيجية تجسيد التحوط، إنما توضح إلى أي مدى يمكن أن تكون الوقاية خير من العلاج، وإلى أي مدى تلعب خبرة السنين ذلك الدور المصيري الذي يُثبت أقدام الأمم ويجعلها أكثر قدرة على تصويب المسارات، وتفنيد التوجهات، وتغيير الاتجاهات، كلما كان الخطر قريبًا، وكلما كانت الكوارث مُحدقة، وكلما كان بيت القصيد بعيدًا.

حالة خاصة من الرضا والتراضي بين القيادة والشعب، تلك التي تعتمد فيها الدولة ويرتكن إلى فضائلها سمو الرئيس، كلما كانت حجارة التعثر كثيفة في الأفق، وأفضال التشافي أكثر شفافية عند تجاوز المعضلة.

كورونا أو غيره، جائحة أو كارثة كاسحة لا يمكن مواجهتها إلا بأمم متسامحة، أمم لا تكيل بمكيالين، ولا ترد الصاع صاعين، أمم تتسم بالقدرة على التعايش والتراحم، على تعزيز أسانيد البقاء والركون إليها، وتصفيف شجيرات العزة والاستشهاد بها، والالتحام مع جموع الشعب العامل وإعادة ترتيب وتعضيد أواصر قوتها وعوامل بقائها.

كورونا أو غيره، جديدًا هذه المرة على كون غير مستعد، على أمم لا تؤمن، وعلى قوميات لا تجيد التعامل بالحسنى، ونحمد الله ونشكر فضله أننا ننتمي لأمة محمد (ص) التي عرفت الإيمان في المهد، وأدركت التراحم منذ ولادة العقيدة وطلوع البدر في أفق “المدينة”، فما كان لها أو لنا إلا الاعتصام بحبل الله، إلا الإيمان بأن الفرقة لا تفيد، والانقسام لا يبني أمة ولا ينقذ شراعا.

من هنا يدرك الرئيس دائمًا أن التعاون خير ألف مرة من التشرذم، والتكاتف أكثر بركة وامتلاء من الطرق المتفرقة التي تقضي على الزرع والضرع، ومن هنا نرفع جميعًا القبعات لخليفة بن سلمان بأنه استهل نشاطه المكثف بتلك اللقاءات التي جمعت خلية الأزمة مع السلطتين، والسلطتان مع سموه شخصيًا، وكل أطراف معادلة المنظومة، بالإيمان بأننا أقوى من الجائحة، والامتنان بأن لنا قادة أشداء يستطيعون الدفاع عن شعبهم، وشعبهم من ورائهم يهتف بالروح بالحب نفديك يا بحرين.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية