+A
A-

هل يواصل الذهب صموده بوجه كورونا؟

قال كارستن منك، مسؤول أبحاث Next Generation في جوليوس باير، إنه عندما يفكر المستثمرون في الملاذ الآمن، غالباً ما يخطر لهم الذهب. فقد أثبت الذهب مراراً أنه قادر على توفير الحماية لمحافظ المستثمرين، حيث ترتفع أسعار الذهب عادة في أوقات الضغوط على الأسواق المالية كما كانت الحال أثناء أزمات النفط في السبعينيات، أو انفجار فقاعة الإنترنت في بداية القرن، أو الأزمة المالية الكبرى في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وإذا نظرنا إلى العقود الخمسة الماضية والفترات الـ12 كبيرة المخاطر في الأسواق المالية، حيث تراجعت الأسهم الأميركية بنسبة أكثر من 15%، زادت قيمة الذهب حينئذ ما يقرب من 10% بالدولار، ما يؤكد على كونه ملاذاً آمناً. لم تتجاوز الذهب إلا سندات الخزانة الأميركية بمتوسط عوائد بلغ حوالي 15%.

وأضاف في تصريح خاص لـ"العربية": "لا تختلف أزمة كورونا الحالية عن السابق، حيث أدت المخاطر المتزايدة للركود بسبب التدابير المتخذة لاحتواء انتشار الفيروس لانخفاض قيمة الأسهم بنسبة 20% تقريباً منذ بداية العام، حتى بعد الانتعاش الأخير. وفي الوقت ذاته، ارتفعت قيمة الذهب بنسبة 7% تقريباً على الرغم من بعض الضعف المؤقت. وفيما كان هذا الأمر مفاجئاً للوهلة الأولى، إلا أن السبب الرئيسي لهذا الضعف هو الارتفاع السريع في عائدات السندات الأميركية الحقيقية. يبلي الذهب حسناً كأحد الأصول غير المنتجة عندما تنخفض العائدات الحقيقية وتبلغ الأسعار ذروتها في اليوم ذاته الذي تسجل فيه العائدات مستوى متدنياً قياسياً. ومع ذلك، بسبب انخفاض توقعات التضخم على خلفية انخفاض سعر النفط، ارتفعت العائدات الحقيقية، مما سبّب ضغطاً مؤقتاً على الأسعار. لم يكن هذا بسبب بناء عدد كبير من المتداولين على المدى القصير من بشر وآلات قرارهم بشراء أو بيع الذهب على عائدات السندات الحقيقية. بالمقابل، انخفضت العائدات الحقيقية مرة أخرى، مما يعكس البيئة الاقتصادية الراكدة، ونتيجة لذلك استعاد الذهب ما فقده".

وتابع "يعزز الطلب الاستثماري القوي جاذبية الذهب كملاذ آمن. فقد استمر مؤخراً ارتفاع حيازات منتجات الذهب المدعومة مادياً، وهي المقياس المفضل لدينا لطلب الملاذ الآمن، ولكن لم تبرز أي علامات على الشراء بدافع الذعر حتى الآن. ويبقى الطلب على الاستثمار الأقوى في الولايات المتحدة وأوروبا. وارتفع الطلب خاصة في أوروبا على السبائك الأصغر حجماً والقطع النقدية بينما لا يزال الطلب في معظم الأسواق الناشئة ضعيفاً إلى حد ما بسبب ارتفاع الأسعار المحلية. وتعتبر هذه الأسعار المرتفعة في عدد من الأسواق الناشئة نتيجة انخفاض قيمة العملات المحلية مقابل الدولار الأميركي، العملة المرجعية للذهب".

ويؤثر انتشار فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم على الطلب على الذهب. كما يتسبب بوقف الإمدادات ليس بفعل إغلاق المناجم بل بسبب التراجع الكبير في السفر الجوي وإغلاق المصافي. وفي حين أن هذه الاضطرابات تؤدي إلى رفع أسعار بعض المنتجات، من غير المحتمل أن تسبب نقصاً في سوق الذهب بشكل عام، مما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. عادةً، لا يعتمد سوق الذهب بشدة على الإمدادات بسبب مخزونه الضخم. وما زال معظم الذهب المستخرج موجوداً حتى اليوم، ومعظمه على شكل سبائك وعملات معدنية أو قطع مجوهرات.

وبالنظر إلى جميع التدابير المتخذة لاحتواء انتشار فيروس كورونا، نرى أنه لا يمكن تجنب الركود العالمي بعد الآن. ومن شأن هذا الأمر أن يزيد طلب المستثمرين على الذهب كملاذ آمن، ما يوفر الدعم للأسعار. ونظراً لأن المستثمرين يواجهون شكوكاً غير مسبوقة في الأسواق المالية، يجدر بحصة معينة من الذهب في المحفظة أن توفر بعض الحماية. لكن هل يتجه الذهب نحو مستويات قياسية جديدة؟ لا، في حال واجه العالم مجرّد ركود قصير وحاد. لكن إذا تحول هذا الركود إلى كساد طويل الأمد، وهو أمر ممكن ولكن ليس محتملاً بعد، فإننا نتوقع أن يبلغ سعر أونصة الذهب نحو 2000 دولار أميركي.