العدد 4191
الأحد 05 أبريل 2020
banner
“فریق البحرین” والتصدي لتحدیات “كورونا” اقتصادیا
الأحد 05 أبريل 2020

ذكرت المدیرة العامة لصندوق النقد الدولي كریستینا جورجیفا أن العالم الیوم یمر بأسوأ حالة كساد اقتصادي منذ الأزمة المالیة الاقتصادیة العالمیة 2008 - 2009. وأضافت أن الاقتصادات الناشئة ستحتاج إلى نحو 5.2 تریلیون دولار لتجاوز ھذه الأزمة. وجاء ھذا التصریح متواكبا مع إعلان القمة الافتراضیة لقادة مجموعة الـ 20 التي ترأستھا المملكة العربیة السعودیة عن التزام دول المجموعة بدعم الاقتصاد العالمي بـ 5 تریلیونات دولار؛ لاحتواء الخسائر المتوقعة في الوظائف ولدعم المداخیل، وھو ما یدل على حجم الأزمة غیر المسبوقة التي یواجھھا العالم.

وبالنسبة لمملكة البحرین یمكننا القول إننا نقف إزاء عدد من التحدیات التي تواجه المملكة في المرحلة الحالیة، والتي من بینھا حالة عدم الیقین لدى المستھلكین واتخاذ الإجراءات الاحترازیة لمنع انتشار الفیروس، إذ نتج عن ذلك تراجع في مستویات الطلب على الخدمات والسلع غیر الأساسیة، وذلك في اقتصاد تساھم فیه القطاعات الخدمیة بنحو 60 % من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن القطاعات الاقتصادیة المتعلقة بالطیران والفنادق والترفیه والبیع بالتجزئة، خصوصا الصغیرة والمتوسطة منھا ھي الأكثر تأثرا بمفاعیل ھذه الأزمة.

وبالأخذ في اعتبارنا انتشار ھذا الفیروس في جميع أنحاء العالم، فقد كان من الطبیعي أن تتعطل الكثیر من المصانع في ضوء تراجع الطلب على السلع، والتي بدورھا أثرت على الطلب على النفط وأسعاره، إذ تقدر الھیئة الدولیة للطاقة أن یصل أقصى انخفاض للطلب الیومي على النفط إلى 20 ملیون برمیل في الیوم في 2020 مع وجود أكثر من 3 ملیارات فرد في الحجر عالمیا، ویرى خبراء الطاقة بأن الطلب على النفط ھذا العام سیتراجع بمقدار 5 ملایین برمیل في الیوم، وبالتالي سیكون له أثر سلبي على مداخیل الدولة وعلى المیزان التجاري للمملكة.

ولكننا في الوقت نفسه لابد أن نشیر إلى الاستجابة السریعة لحكومة مملكة البحرین لاحتواء آثار ھذه الأزمة، إذ تستھدف الحزمة المالیة والاقتصادیة لدعم الاقتصاد والقطاع الخاص، والتي أعلنت عنھا الدولة بشكل مباشر لدعم القطاعات الأكثر تضررا في ھذه الأزمة.

ففیما یتعلق بمشروع القانون الذي یھدف لدفع رواتب البحرینیین المؤمن علیھم في القطاع الخاص من صندوق التعطل بقیمة 215 ملیون دینار، فإن من شأن ھذه الخطوة أن تساھم في منح القطاع الخاص الفرصة لتجاوز ھذه المحنة دون اللجوء إلى تسریح العمالة البحرینیة في ھذه الفترة.

وبتكفل الحكومة بدفع فواتیر الماء والكھرباء والإعفاء من دفع الرسوم البلدیة لمدة 3 أشھر، وھو ما سیقلل من مصاریف الأفراد والشركات، كما أن إعفاء منشآت والمرافق السیاحیة من رسوم السیاحة لمدة 3 أشھر یخفف من أعباء ھذا القطاع الذي یتوقع أن یكون من بین أكثر المتضررین.

وبالمثل قیام الدولة بإعفاء المصانع من إیجار الأراضي الصناعیة لمدة 3 أشھر سینعكس إیجابا على القطاع الصناعي.

وتضمنت الحزمة إعادة توجیه برامج صندوق العمل “تمكین”؛ لدعم الشركات المتأثرة وإعادة ھیكلة القروض المدعومة من قبلھا، وھو ما یعكس جدیة واھتمام الدولة بدعم ھذه الشركات، ولعل أبرز القرارات المتخذة ھي تلك التي قام بھا مصرف البحرین المركزي، والتي تمكن البنوك في البحرین من رفع مستویات الإقراض للقطاع الخاص وتأجیل الأقساط على

تمویلات الأفراد والشركات لمدة 6 أشھر. وبالتالي سیكون ھنالك دور محوري للحزمة المالیة والاقتصادیة فیما یتعلق بالمؤسسات الخاصة، إذ ستقوم ھذه الحزمة بتخفیف وطأة ھذه الأزمة على ھذا القطاع وتمكینه من تجاوزھا دون الإضرار بالاقتصاد وسوق العمل على المدى البعید.

أما من ناحیة الأفراد، فتأتي ھذه الحزمة لتدعم ثقة المستھلك وتعمل على التسریع من تعافي الاقتصاد بعد زوال الأزمة بإذن الله تعالى، إذ سیكون لارتفاع مستویات القدرة الشرائیة للأفراد في فترة ما بعد الأزمة الأثر الإیجابي على الحركة الاقتصادیة في المملكة.

وفي الوقت الذي قام به الكثیر من الملاك في المملكة بإنشاء صنادیق تتكفل بإیجارات القطاعات المتضررة، فإننا نرى بأن إطلاق حملات تعمل على تحفیز الملاك لدعم المستأجرین من المؤسسات المتضررة سیكون له الأثر الإیجابي على استمرار ھذه المؤسسات وعلى الاقتصاد في المدى الطویل.

وخلاصة القول، فإن قیام “فریق البحرین” بأخذ عدد من القرارات الاستباقیة لمكافحة فیروس كورونا المستجد سیمھد الطریق أمام مملكة البحرین بحیث یمكنھا من الخروج من ھذه الأزمة في أقل وقت، في حین تأتي الحزمة المالیة والاقتصادیة لتساھم في تخفیف وطأة التحدیات المتوقعة على الاقتصاد وتمكینه من التعافي بسرعة بعد الأزمة ومن عودة الدورة الإنتاجیة إلى فعالیتھا السابقة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية