العدد 4169
السبت 14 مارس 2020
banner
من قال إن الحرب السورية انتهت (3)
السبت 14 مارس 2020

ما لم يحدث في قمة موسكو هو الحديث عن أية خطوات إضافية نحو التسوية السياسية في سوريا، وفي غياب هذه المسألة الجوهرية، إن وقف النار عابر بالتأكيد، والورطة في سوريا ليست محصورة بتركيا أو روسيا أو إيران أو “حزب الله” أو حتى الأسد الذي يتمتع بدعم روسيا وإيران وحزب الله، إنها ورطة مفتوحة الأفق لجميع اللاعبين الميدانيين في سوريا.

إنها ورطة رجب طيب أردوغان للأسباب التالية: أولاً، انتهاء الشراكة التركية - الروسية يعني خسارة ورقة مهمة للرئيس التركي في إطار مفاوضاته ومناوراته مع أعضاء حلف شمال الأطلسي وبالذات مع الولايات المتحدة. ثانياً، إن الإصرار على السيطرة على إدلب وعلى نفوذ تركيا في سوريا سيؤدي في نهاية المطاف إلى مواجهة مع روسيا لأن موسكو لن تتراجع عن دعم القوات السورية التي تحارب القوات التركية. ثالثاً، في غياب معالم للتسوية السياسية، ومع إصرار أردوغان على معارضة إجراء الانتخابات في سوريا إلى حين عودة المهجّرين، تبدو الساحة السورية مفتوحة على المزيد من المشاكل للرئيس التركي من الناحية الكردية فائقة الأهمية له سورياً وداخل تركيا، ومن الناحية الشخصية لأردوغان الذي يريد توطيد سلطاته داخل تركيا والفوز بالانتخابات المصيرية لطموحات القيادة السنّية التي يسعى وراءها بالذات من خلال مشروع “الإخوان المسلمين”.

ورابعاً، ليس سهلاً على أي لاعب، مهما كان ماهراً، أن يقفز على الحبال كما يفعل أردوغان سيما أن شركاءه هم من المتشدّدين والمتطرّفين وأحياناً الإرهابيين، فيما معارضوه هم من مستوى روسيا وأوروبا والولايات المتحدة أيضاً التي لم تُقدّم له سوى الدعم اللفظي في سوريا وهي تراقب مغامراته في ليبيا ولا تنسى له تحدياته عندما أصرّ على صفقة S-400 الروسية.

إنها أيضاً ورطة فلاديمير بوتين الذي لا يريد المواجهة العسكرية بين روسيا وتركيا لكن مؤسسته العسكرية بدأت تفقد صبرها وهي متحمّسة لقطع الطريق على رئيس تركيا واستفزازاته لها، حسب تصوّرها. ثانياً، إن خسارة العملية السياسية في سوريا تشكّل ورطةً للأجندة والقيادة الروسية التي كانت ظنّت أنها تملك خيوط اللعبة في سوريا وأن النصر كان مضموناً لها ولحليفها في دمشق. ثالثاً، إن الكلفة لروسيا في سوريا عالية بينما وعود الانتهاء من الصراع تراجعت ومعها تراجع الدعم الشعبي الروسي لبوتين بسبب اندفاعه سورياً. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية