العدد 4168
الجمعة 13 مارس 2020
banner
من قال إن الحرب السورية انتهت (2)
الجمعة 13 مارس 2020

ما يشكل أولوية لبوتين في سوريا لم يعد سهل المنال كما تخيّل البعض في فترة ولادة “أستانة” أو في زمن الإصرار على أن روسيا تملك سوريا بلا منازع وأنها انتصرت قطعاً في هذه المعركة الاستراتيجية، فمعارك سوريا مستمرة رغم وقف النار فيما مأساة شعبها تتحول إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.

أتت نتائج قمة موسكو فقيرة جداً لأن أردوغان لم يحصل على شيء يُذكر مما أراده حقاً، وهو أمران: أحدهما، انسحاب القوات السورية إلى الخُطوط التي نصّت عليها اتفاقية “سوتشي” - وهذا ما رفضه الجانب الروسي. والآخر أن أردوغان أراد أن تتوقّف روسيا عن دعم أي هجوم يقوم به الأسد وأن تتوقّف عن دعم الأسد عسكرياً، فلاقى الرفض القاطع من بوتين والمؤسسة العسكرية الروسية.

وحسب المصادر، أتى الكلام على لسان بوتين نفسه ليؤكد أنه لن يتخلى عن دعم سوريا والأسد، فالأسد مفتاح ضروري حالياً لتثبيت التواجد العسكري الروسي في سوريا، ولا استغناء عنه، ثم إن بوتين وعَدهُ بأنه سيدعمه في معركة إدلب ولم يعد قادراً على التنصّل من الوعد بالرغم مما أدى إليه من خطورة وقوع تصادم عسكري بين روسيا وتركيا.

بوتين بدوره لم يحصل على ما سعى وراءه من أردوغان، أي الالتزام بعمليات ضد من تعتبرهم روسيا مجموعات إرهابية، فالرئيس الروسي أوضح أن لا حلول واردة ولا شيء سيَجدّ على العلاقة بين البلدين لإصلاحها جوهرياً ما لم يتعهد الرئيس التركي، “بضمانات جدّية، بمحاربة تلك المجموعات الإرهابية” حسب مصدر روسي، “وأردوغان لم يلبِّ طلب الضمانات”.

اتفاق وقف النار بدون ضمانات يعني، من وجهة النظر الروسية، أنه قابل للتنفيذ طبقاً لتعهدات الدولتين “إنما ليس من قِبل المجموعات الإرهابية”. وهذا يجعله هشّاً. ثم إن الرئيس التركي كان واضحاً تماماً أثناء المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس الروسي أن في حال استمر الرئيس السوري بعملياته العسكرية ضد القوات التركية، فإن الردود العسكرية عليه ستكون أقسى مما كانت عليه وأعنف.

لذلك، إن اتفاق وقف النار يكاد يكون عبارة عن شِراء هدنة عابرة، حتى الممر الآمن قيد البحث بين وزيري الدفاع الروسي والتركي لا معنى عميق له سوى إبقاء الحديث مفتوحاً بين المؤسستين العسكريتين، فلقد كانت قمة موسكو انتصاراً لمنطق وزارة الخارجية التي شجّعت بوتين على مسلك الديبلوماسية فيما أرادت وزارة الدفاع تلقين أردوغان درساً غالياً في سوريا. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية