العدد 4167
الخميس 12 مارس 2020
banner
من قال إن الحرب السورية انتهت (1)
الخميس 12 مارس 2020

لن تأتي التهدئة المؤقتة بنزع فتيل الأزمة بين روسيا وتركيا بأي استقرار في سوريا، لأن قمة الغرِيمين بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس رجب طيب أردوغان فشلت في مُعالجة الخِلافات الجدّية ونجحت فقط في توفير إنقاذ ماء الوجه لزعِيمين عَنيدين وسط غليان في العلاقات الروسية - التركية، بالذات العسكرية.

لم تؤدِ القمة إلى إحياء أية عملية سياسية لسوريا أو إلى خريطة طريق لوقف نارٍ دائم أو إلى تعزيز أدوار الضامِنين لوقف النار على نسق اتفاقيات “أستانة” التي ضمّت روسيا وتركيا وإيران.

بل إن غياب إيران الكُلّي عن المشهد بالرغم من أن قواتها وقوات “حزب الله” تُشارك في القتال في معركة إدلب، إنما يعكس أمرين: الأول، تصنيف بوتين وأردوغان لنفسيهما بأنهما عملاقان، وأن الآخرين ملاحق في سوريا، والثاني، أن تفشي فيروس “كورونا” في إيران أيقظ القيادات الإيرانية إلى احتمال تحوّله إلى وباء لن يتمكّن النظام من احتوائه سيما أن الملالي يرفضون تبنّي إجراءات يعتبرونها مُنافية للدين كمنع صلاة الجمعة لفترة طويلة. “حزب الله”، بِدوره يقع في مآزقه العديدة داخل لبنان وإقليمياً ودولياً، وهو ضَالع في المعارك في إدلب إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد، لكنه مُنشغل بالتحدّيات التي تُطوّقه والمخاطر الآتية عليه وتُهدده بالانهيار إذا ثابر في أخذ لبنان برُمّته إلى الانهيار. بشار الأسد كان حاضراً غائباً في قمة موسكو التي توجّه أردوغان إليها مُرغماً بعدما حاول عقدها في أنقرة ثم سوتشي لكنه واجه رفض بوتين القاطع وإصراره على عقد القمة في العاصمة الروسية.

وافق أردوغان مُرغَماً بعدما طوّقته حملة الأوروبيين عليه واتهمته بابتزاز أزمة اللاجئين السوريين ودفعهم إلى الهجرة نحو الدول الأوروبية - فقرر عدم فتح جبهات إضافية عليه سيما أن موقعه داخل حلف شمال الأطلسي (ناتو) ليس أبداً قوياً. فالولايات المتحدة ذات الأهمية المميّزة في قيادة حلف “الناتو” لا تثق بأردوغان ولا يُعجبها ما حاول القيام به قبل تصادمه مجدداً عندما أصر على شراء منظومة S-400 الروسية المضادة للصواريخ رغم الاحتجاجات الأميركية ومعارضة بقية أعضاء الـ”ناتو”.

هذه المنظومة مازالت مُعلّقة في مواقع تصنيعها في روسيا فيما الولايات المتحدة مازالت تدرس إمكانية التعويض عنها من خلال توفير تركيا بمنظومة “الباتريوت” - والاحتمال ضعيف جداً. فما يريده أردوغان في سوريا لا يتوقف عند سوريا، إنما له طموحات إقليمية وتداعيات داخلية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .