العدد 4141
السبت 15 فبراير 2020
banner
نوافذ الحكمة والتنوير والإحساس بالضمير عند الأمير
السبت 15 فبراير 2020

موافقة الأمم المتحدة لمبادرة رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة لتخصيص يوم عالمي للضمير في الخامس من إبريل من كل عام؛ سيكون لها الأثر الإيجابي الكبير في شد انتباه العالم المتحضر، الذي يعيش حالة من الترقب والأمل في التغيير والتطوير التي تنشده الأمم المتحدة في أهدافها “17” للتنمية المستدامة “SDGs”، العالم الذي يرى الجمال بعينين ويسمع صوت الحياة بأذنين ويقبض على النجاح بيدين، إنه العالم الذي يؤمن بقاعدة اللحظة، وقاعدة الاحتمالات، وقاعدة الاتصال، وقاعدة الكينونة، وقاعدة السبب والنتيجة؛ ذات القانون الكوني الزماني الذي لا يمكن كسره ولا فصله ولا تحييده بعيدًا عن قانون الجذب الفكري المرتبط بالزمان، فلكل نتيجة سبب مرتبط بها ومؤثر عليها، والحاضر مرتبط بالماضي ومنجذب إليه، والمستقبل ينحو ذات المنحى الانجذابي للحاضر، وللضمير موقع بين الزمانين؛ يجسّد كينونة واستدامة الارتباط واستقامته، ويجول بين الأزمة، ينخفض تارة ويرتفع أخرى ويستقر ثباتًا.

ومن يدعو ليوم للضمير؛ فهو الضمير وعين الضمير وللضمير معنى، وهو الأب الأمير وللقلوب المحبة أسير، وهو الصوت الحاني والصدى اللامتناهي، وهو صاحب اليد المبسوطة والأنامل الممدودة في زمن الأوتار المشدودة، تلك هي العقول المفكرة التي تملك نوافذ الحكمة والفلسفة والثقافة والآمال، والقدرة النافذة لصنع الجمال والكمال للأجيال، تعيش في قمة “الإحساس” بالمسؤولية الإنسانية، وتستمد قوتها وصمودها بإيمانها بقيمة الإنسان واستحقاقه للرفاهية وللعيش الرغيد بأمن وأمان، وأن جودة الحياة تكمن من خلال جودة التفكير بمعنى الحياة وديمومة الحياة وصفاء الحياة.

وللضمير الحي القدرة السحرية لتوجيه التفكير للطريق الصحيح، والمساعدة في حل الكثير من القضايا الاجتماعية والعقد الشائكة وتبسيطها ووضع الأجوبة عليها من خلال التأثير في “التفكير بطريقة مغايرة” كما يذكرها الكاتب مايكل هيبيل في كتابه، ومختزلها في قيمة “ كيف يمكن أن تحصل على الأفضل في كل شيء؟” مستعينًا باستبدال “لماذا” بـ “كيف” بما تُسمى الأسئلة الذكية المُوَجِّهَة للسؤال الصحيح، المعنية بشقلبة وقولبة التفكير الذي قد يقلب المواقف السلبية ويستحث التفكير وخروج الأفكار الإيجابية إذا ارتبط بالضمير.

“فكيف” يُسَخِّر الضمير المجتمع في تقبل الأفكار التغييرية التطويرية المستحدثة والانجذاب إليها من منظور رفع مستوى الوعي الاجتماعي لكسر الأيديولوجيا الصامتة المعقدة؟

“دستوت دي تراسي” الفيلسوف وعالم الاقتصاد الفرنسي هو أول من استحدث مصطلح “أيديولوجيا” بعد الثورة الفرنسية والتحول من النظام الإقطاعي للرأسمالي، وقد حمل المصطلح معنى علم الأفكار للتعبير عن محاولة التحليل للعقل البشري امتدادًا لمعتقد “الإحساس هو أصل جميع الأفكار” الذي يراه “جون لوك” الفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي الإنجليزي.

وتُعرَّف الأيديولوجيا حديثًا لدى عالم الاجتماع الكَنَدي “غاي روشيه” بأنها نسق من الأفكار والأحكام الظاهرة والمنتظمة عمومًا، ويُستخدم المصطلح ليصف وضع مجموعة أو جماعة من الناس تستوحي حياتها ونمط حياتها من مفاهيم وقيم وثقافة وفلسفة لها بعد تاريخي مرتبط بأفعال زمانية ومكانية.

وحينما يأتي يرتبط الضمير بالأيديولوجيا ويتغلغل فيها؛ فسيُظْهِر بريق أفكارها من متضادها الاسودادي وسيعطيها القدرة والقوة للبروز بشفافية و”الإحساس” الروحي الإنساني بأريحية، متوافقًا ضمنيًّا مع نظرية جون لوك “الإحساس” أصل جميع الأفكار، فينمو الوعي الاجتماعي بتسارع على مبدأ “الإحساس” الموحّد، ليتقبل التغيير والانجذاب للتغيير والتطوير بسبب تأثير الضمير.

فبوجود الضمير و”الإحساس” بقيمة الضمير في خروج الأفكار المؤثرة إيجابًا على الأيديولوجيات الصامتة، ضرورة حتمية في رفع مستوى جودة الحياة، كأحد الروافد الأساسية الكامنة في تقويم وتقييم معاني أهداف التنمية المستدامة، وقد يتأسس مستقبلا مؤشر إنساني اجتماعي لقياس قيمة الضمير وجودة الضمير وأثر الضمير و”الإحساس” بالضمير تحت مظلة الوعي الاجتماعي، أو “تحت هيئة وطنية مفترضة تتأسس لقياس الأثر الاجتماعي”، ليكون أيقونة من أيقونات اليوم العالمي للضمير النابع من ضمير سمو الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه.

وسيُعطي يوم الضمير للأمم المتحدة القدرة الإضافية على التمييز في تقييم نتائج أهداف التنمية، وسيصنع الفرق التمييزي بين الأيام العالمية من الناحية التكاملية التقييمية والقياسية والتأثيرية على بقية الأيام، كون الضمير هو الروح المحركة التي تبث الحياة في جميع الأيام العالمية، والمُطَوِّقة لها للحفاظ على كينونتها ونزاهتها وأهدافها الإنسانية ضد الانهزام والخنوع للفشل واليأس والفساد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .