عندما نتوقف ونتأمل الأداء الوظيفي لكل وزارة أو مسؤول لا يعني ذلك بالضبط أن المقصود النيل من هذه الوزارة أو هذا المسؤول كما يعتقد البعض ممن يتحسس من كاتب هذه السطور وغيره من الكتاب الذين يتلمسون هموم الناس ويقتربون من معاناتهم، بل بعضهم يعيش ذات المعاناة التي يعيشها الناس الذين يتنفسون من خلال ما يكتب عنهم وعن معاناتهم، ففي كل مكان من هذا العالم، هناك من يعاني، من الفقر ومن المرض ومن هضم الحقوق، وهناك أيضًا من يتخيل المعاناة وهناك كذلك من يتصنع المعاناة لأجل أغراض دعائية، لكن يظل الإنسان في كل مكان وزمان عرضة للمعاناة، لذلك أتمنى من بعض المسؤولين والوزراء ومن في حكمهم ألا يتحسسوا مما نكتب أو نعبر، لأنهم بحكم مواقعهم التي يفترض منها خدمة وطنهم ومواطنيهم أن يتقبلوا النقد وليس التجريح بالطبع، بروح وطنية مبعثها ليس النقد للنقد فقط، إنما كشف المستور ومعالجة المشكلة لكي لا تتضخم وتصبح عصية على الحل.
أحيانًا يتم الإعلان في بعض الدوائر عن إنجازات ويتوقع المسؤولون من الصحافة الإشادة بهذه الدوائر، وربما يكون ذلك حقهم رغم أن الصحافة في الواقع معنية بالكشف عن الأخطاء وليس الجري وراء الإشادات، ومع ذلك هناك من يشيد بالإنجازات، لكن المشكلة أن البعض يعتقد أن أية محاولة من الكتاب لمعالجة مشكلة أو ظاهرة يشكو منها الجميع وتتكرر باستمرار مثل اختفاء بعض السلع أو ارتفاع الأسعار، أو سوء تصميم بيوت الإسكان أو تفاقم البطالة، مثل هذه الظواهر والمشكلات موجودة في كل مكان من العالم، وهي ظواهر متعلقة بنمو المجتمع وديناميكيته، ما يعني أن هذا المجتمع يتحرك وينمو وإلا ما برزت تلك الظواهر، لذلك من الطبيعي أن تكون عين الصحافة على هذه الظواهر، وأن تتلمس الأخطاء والإخفاقات من أجل أن يتجاوز البلد أية سلبيات، وهذا الأمر يجب أن يسعد الجميع من منطلق أن البناء والتنمية والازدهار لا تعني فقط الإشادة، كما يظن البعض، لكن ملاحقة ما يرافق هذا النمو من عقبات وإشكالات، ومثلما هناك سلطة تشريعية تحاسب كذلك هناك سلطة صحافية تلاحق، كما أن هناك سلطة تنفيذية تعمل وتنجز، وهذه علمية تكاملية يتوجب تفهمها من قبل الجميع.
هناك قطاعات كثيرة مثل قطاع الإسكان، وقطاع الصحة والبلديات والأشغال والتربية، والتجارة والمرور، كلها قطاعات خدمية بحاجة لمتابعة ورقابة صحافية لأنها ذات علاقة بالمواطن، والمواطن في كثير من الوجوه يعاني من هذه المرافق، فأرجو وآمل ألا يعتبر المسؤولون أنفسهم أمرا مقدسا!.
تنويرة:
قد تملك “العبد” لكن لا تملك روحه.