العدد 4124
الأربعاء 29 يناير 2020
banner
وَخْـزَةُ حُب د. زهرة حرم
د. زهرة حرم
صف لي إحساس الألم!
الأربعاء 29 يناير 2020

ما إنْ تُسأل عن إحساسك بالألم؛ حتى تجد نفسك تربطه ربْطًا وثيقا بجسدك، أليس كذلك؟ سؤال ليس الهدف منه إرجاعك إلى ذكرى وجع أو نغيصة؛ بقدر ما هو نصيحة محب؛ ألّا تنغمس في المؤلم من الأحداث مهما كانت مرّة أو صعبة! وأيًا ما تكون أسبابها! وسواء أكانت لك يد فيها، أم كانت خاضعة لمجريات القدر! أبدًا! إيّاك وجلد ذاتك بإعادة سيناريو الألم أو التذكير بأحداثه، أو الدخول في سيناريو مشابه له أو جديد؛ فدون ذلك جسد واهن؛ يقترب من حوافِّ العمر الأخيرة!

صِف لي إحاسسك بالألم! وأعلمُ أن أوله قلب ثقيل كصخرة، يزداد حجمها، حتى تكاد تنفجر؛ لتشق أضلاعك، ولكنها – على الرغم من ذلك – قابعةٌ، مُرتكزةٌ بأوتادٍ غليظةٍ، مُمزّقة، ومتقرِّحة؛ كنتَ لتتمنى أن تتخلص منها، ولكن، هيْتَ لك! وهل جرّبت الكلام الممزوج بالألم؟! أظنه ليس أكثر من خيوط مخنوقة في الحنجرة، وكأن أجزاءً من هذه الخيوط الباهتة؛ احترقت، وأنت تحاول – جهدك - جمع ما بقي منها؛ لتبوح بشيء ما، أو لتقول كلمات مرجوجة، مبحوحة، لا تكاد تَبين!

وهل تلّبستْك حرارةٌ في أطرافك؛ فارتعشتَ حينًا، وجَمُدت حينا آخر؛ حتى تشوشتْ حواسك، وما عُدت تدري ما الوسيلة، وكيف السبيل لتخفيف أو وقف هذه الحالة؟! فانتظرتَ فترات طويلة؛ لتستقر أو تهدأ، ولكن عقلك لا يهديك طريقًا أو يمنحك السكينة؛ فهو – كذلك – مشغول حتى آخر عصب فيه؛ يُقلب الأفكار والصور، يعيدها أكثر من مرة، بأشكال شتى، علّه يفك شفراتها، أو يفتح مغاليقها؛ لتنكشف غُمّته، ولكنه؛ يبدو كجهاز راديو خَرِب، تتضارب فيه الأصوات، وتشتبك فيه الموجات، ولا يكاد يُسعف بقية حواس الجسد؛ في رأي أو مشورة!

وماذا عن المغص الذي لا تدري مصدره، أو تكشف موقعه، والذي انضم هو الآخر إلى سلسة التظاهرات ضدك؛ ليباغتك بين فينة وأخرى بضربات قاسية؛ كرصاصات تخترقك؛ فتمزق أوصالك، وتدق شرايينك! هل جربت ألمًا، يتصاعد من أخمص قدميك حتى قمة رأسك؛ ليملأ وجهك دمًا أصفرَ باهتًا كالخريف؟! إن كنت كذلك قد جرّبتَ رعشته الشبيهة باختناق الموت؛ فحذارِ أن يجرّك مرة أخرى إلى ساحته الموغلة في العذاب، وإياك أن تظن أنه عابر، يداويه الزمان مع الأيام!

هذا الألم النفسي الذي باغت روحك، سيفتك بك؛ كقاتل محترف، يتلذذ بالضعف الذي يتناهش جسدك، أو يتسرب إليك؛ لتكون بعدها خبرًا بعد عين! ولا حل أمامك سوى حربٍ ضرُوس ومقاومة! فلا هُدنة تصلح هنا، ولا اتفاق سلام!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .