العدد 4121
الأحد 26 يناير 2020
banner
في أثر وسائل التواصل الاجتماعي
الأحد 26 يناير 2020

إلى أين ستذهب بنا وسائل التواصل الاجتماعي، وهل التأثير المنوط باستخدامها إيجابي؟ أم أن دخولها حياتنا أصبح نقمة حقيقية، أميل للجانب الآخر وأرى أن الكثير من السلوكيات الخاطئة تم تعزيزها عن طريق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، فنحن في السابق لم نكن نعي تماما المعنى الحقيقي للتنمر، لكننا بتنا نراه ونعايشه من خلال تلك الوسائل، وقد لمست قصة إحدى الفتيات البسيطات قلبي، حيث استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي لتوثيق فرحتها بخطوبتها لكنها واجهت سيلا من التهكم على شكلها ومكياجها وثيابها التي تصور لنا بساطتها وضيق ذات اليد، وبدلا من سماع كلمة “مبروك”، كانت النتيجة أن مر خطيبها عليها في اليوم الثاني مطالبا إياها بإرجاع خاتم الخطوبة وإلغاء مشروع الزواج بعد أن أصبحت قصة زواجهما مصدرا للتنكر والضحك وتقليل الشأن، لقد كسر قلبها كما فعلت وسائل التواصل وكسرت فرحة الفتاة بعبارات قاسية وانتقاد لاذع من قبل جمهور كل علاقتها به هذه الوسيلة!

وتطول الحكايات في موضوع وسائل التواصل الاجتماعي، ولا أنسى الضجة التي أثيرت عندما صورت إحدى الفنانات كوب قهوتها، وأبدى الكثيرون امتعاضهم: كيف لها أن تشرب في كوب عادي وهي فنانة معروفة وغنية ومترفة؟! كيف لها أن ترتكب هذا الذنب العظيم وكأن المطلوب ممن يشاركونا حياتهم أن ينتبهوا إلى أدق التفاصيل، وهكذا أصبح الحال فرضا لا تفضلا وإلا فلن تخلو الساحة من التعليقات السلبية والتطاول.

آخرون تقمصوا دورا عقائديا وكأنما دخلوا في نوايا الناس ودينهم وباتوا قيمين على دخولهم الجنة والنار، متناسين الموعظة تكون بالحسنى، وأن الحسنة بعشر أمثالها، واستخدموا كلمات نابية وقذفا وسبا بذريعة أن من يتواجدون على الساحة يجب أن يكونوا أكثر دينا وخلقا وإلا فلا مفر من توجيه عبارات لا أخلاقية والكثير من السب والدعوات بالموت حتى يشفي ذلك غليلهم!

ومضة: خلدت لنا وسائل التواصل الاجتماعي كلمات تدل على تناقض كاتبيها، ولأنني أحبذ دراسة رجع الصدى دخلت مرارا على بعض الحسابات التي صدرت منها تعليقات لفتت انتباهي، وغالبا ما أصعق مما أرى، فصاحب العبارة السيئة غالبا يعرف نفسه في حسابه الشخصي بجملة عقائدية أو آية قرآنية أو مثل تراثي لا يمت بأي حال لما كتبه من تعليق على حادث أو صورة أو غيرها، لقد عرت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير وكشفت الكثير وبتنا في دوامة صراع بين العرف والأخلاق وما يتاح لك أن تكتبه خلف ستار وهمي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .