العدد 4114
الأحد 19 يناير 2020
banner
دروس في وفاة الغرير
الأحد 19 يناير 2020

حزنت من أعماق قلبي على وفاة الفنان علي الغرير، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، ووجدتني متأثرة تماما كما لو كنت من أفراد عائلته، فبقيت يومين منزعجة ومنطوية لا تلهث نفسي إلى مطايب الدنيا، ولا أخفيكم سرا أنني أحيا كما لو كنت أعيش دهرا، وأحاول دوما أن أعمل لواقع نغفل عنه وهو رحيلنا عن هذه الدنيا إلى دار الآخرة كما وأنها الحقيقة التي نتيقنها إلا أننا نرفضها لا عن وازع غير أنها حال من يحزن لفقد من يحبهم متناسيا أنها الحقيقة التي سنواجهها جميعا، وبالفعل حزنت على الفنان علي الغرير لحبي فنه وأخلاقه، كما هالني أن يرحل فجأة دون وداع محبيه.

انتقل علي إلى رحمة الله تعالى إلى حياة أجمل ينصرنا في تعليمها أبناءنا بأن نحدثهم عن نعيم القبر وجنة عرضها السماوات والأرض، وبات موضوع الرحيل يقتصر على مشاعر الفقد والحزن، لكنني وسط تلك المشاعر لمست طاقة حب كبيرة لشخص الراحل وفنه وباتت صوره المسيطرة على مواقع التواصل الاجتماعي تحكي مقدار الألم والحرقة في نفوس البحرينيين، حيث جمعنا كلنا كما أحب أن أصف دائما على قلب رجل واحد بمشاعر تعلوها الدهشة والحيرة من أمرنا، فالراحل ولج إلى القلوب قبل البيوت، فمن منا لا يذكر “طفاش” الذي أضفى البسمة على القلوب وجعلنا في انتظاره صغارا وكبارا.

 

إن رحيل علي الغرير درس حقيقي عن أهمية الرسالة الفنية المقدمة للمجتمع فلم يخدش الراحل حياء الأسرة أو يقدم ما هو خارج على النص، بل كان يسعدنا بعفويته وقربه النفسي منا، كما أن رحيله المفاجئ سبب صدمة جعلتنا جميعا نعيد حساباتنا الخاصة ونقيم سلوكنا العام ونقدر هل نحن جاهزون لمواجهة حقيقة الرحيل، كل هذا وأكثر، فإن رحيل الفنان الغرير وحد الصف كما وضح للجميع، فحضر القاصي والداني جنازته وترحموا عليه وأقاموا الصدقات والدعوات لروحه الكريمة، الأهم من هذا كله أننا استشعرنا أهمية الفن الذي يطيب للبعض أن يبخسه دون وجه حق، لقد شكل الغرير علامة فارقة برحيله كما كان متميزا بوجوده.. رحم الله الغرير وغفر له وربط على قلوب أهله ومحبيه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .