+A
A-

"المضافة".. رب ضارة نافعة والمحاسبون أكبر المستفيدين

يقال "مصائب قوم عند قوم فوائد"، أو "رب ضارة نافعة"، تنطبق هاتان المقولتان على السوق المحلية مع تطبيق القيمة المضافة، حيث انتقدها الناس على اعتبار أنها رفعت الأسعار، وكذلك الأمر بالنسبة للشركات والمحال التجارية التي تعودت الحصول على كامل الأرباح دون قسمة مع غياب الرسوم والضرائب.

لكن ذلك لا ينحسب على شركات المحاسبة والتدقيق، وعلى المحاسبين الشباب الذين رأوا بالمسألة "بارقة أمل" في إيجاد وظيفة وبدء الحياة العملية، في سوق شحت فيه فرص العمل تماشيا مع الهدوء الاقتصادي.

ولّدت القيمة المضافة التي طبقتها البحرين على مراحل بدءا من مطلع العام 2019 بعض الفرص الاستثمارية، حيث دخل عدد من الشركات والمكاتب المحاسبية للسوق، فيما وسّعت شركات عاملة أصلا أعمالها من خلال فتح نوافذ تعنى باحتساب هذه الضريبة لزبائنها.

وبطبيعة الحال وفرت هذه الاستثمارات وظائف عمل جديدة استحوذ البحرينيون على معظمها؛ كون السوق تزخر بخريجي المحاسبة من المواطنين، فضلا عن أن البحريني أصبح مفضلا من قبل الشركات التي تحاول الاستفادة من برامج صندوق العمل "تمكين"، خصوصا ما يتعلق بدفع 70% من الراتب بالسنة الأولى.

عبدالله حسن، محاسب بحريني حديث التخرج، أكد أنه استطاع الحصول على وظيفة جيدة في إحدى شركات المحاسبة الكبرى بالمملكة، (...) الحمدلله كنت أبحث عن عمل منذ تخرجي في العام 2017، والآن تحقق الحلم.

وأضاف "الراتب جيد والمكان مناسب، حيث أقوم بعمل في صلب تخصصي".

وبين حسن أن معه في المكتب زميلين بحرينيين تخرجا حديثا، حصلوا على الوظيفة في نفس الوقت تقريبا.

وأوضح أن الشركة أخضعتهم لبرنامج تدريبي مكثف حول طريقة إعداد الدفاتر المحاسبية، وإقرارات القيمة المضافة للزبائن، (...) الأمور سارت على ما يرام.

من جهته يقول الأردني محمد عدنان، أنه حضر إلى البحرين منذ منتصف العام الماضي، مع زميل آخر لتأسيس مكتب محاسبي بالبحرين بالاعتماد على تطبيق القيمة المضافة.

وأوضح أن عملهم بالبداية كان صعبا خصوصا أن مكتبهم (شركتهم) صغير ولا يستطيع الحصول على زبائن بأحجام كبيرة، أي عندما كان القانون يفرض القيمة المضافة على الشركات التي تصل إيراداتها 5 ملايين دينار وأعلى.

لكن ذلك تغير مع بداية العام الجديد ومع بدء التطبيق على المؤسسات التي تصل إيراداتها إلى 37.5 ألف دينار، (...) استطعنا إقناع بعض الزبائن بالعمل لدينا، والأمور تتحسن شيئا فشيئا.

وبين عدنان أنه وزميله لديهم خبرة تفوق الـ 15 عاما في الأردن، حيث كانوا يعملون في دائرة الضرائب والقيمة المضافة هناك، ولديهم تجربة بالسوق السعودية، حيث فتحوا مكتبا بالرياض في العام 2017 لنفس الغاية وهو يعمل بشكل جيد.

يذكر أن البحرين بدأت تطبيق القيمة المضافة في الأول من يناير 2019 على الشركات التي تبلغ إيراداتها 5 ملايين دينار فأكثر، وفي الأول من يونيو الماضي أضافت تلك التي تصل إيراداتها 500 ألف دينار فأكثر، وأخيرا مطلع العام الجديد 2020 على الإيرادات التي تبلغ 37.5 ألف دينار فأكثر.

وتوقع خبراء في شؤون الضرائب أن يكون قد انضم قرابة 10 آلاف محل تجاري ومؤسسة ومقدم خدمة لتطبيق "المضافة" مع مطلع 2020، أي مع دخول التطبيق حيّز التنفيذ الكامل. يضاف هذا الرقم إلى نحو 5 آلاف شركة مسجلة سابقا، أي أن الرقم الإجمالي وصل إلى 15 ألف ملتزما بالتطبيق.

من جهته قلل رئيس جمعية المستثمرين البحرينية فادي المجالي من حجم الاستثمارات التي أدخلها تطبيق القيمة المضافة إلى السوق المحلية.

وبين أن معظم الشركات المعنية بأعمال المحاسبة ومسك الدفاتر المحاسبية أضافت أقساما جديدة تعنى بالضريبة، ما يعني أنها أبقت "تقريبا" على زبائنها الذين تنظم لهم أعمال التدقيق، في إشارة إلى عدم دخول شركات جديدة لهذه الغاية بالمستوى المطلوب.

وتابع "طبعا هذا ينطبق على الشركات الكبيرة لاسيما الدولية".

وأشار المجالي إلى أن القطاع استقطب بعض الاستثمارات التي دخلت إلى السوق بحثا عن حصة إلا أن عددها قليل الأمر الذي لا يمكن اعتباره استقطاب استثمارات، (...) أنا لا أرى أن لها أهمية في السوق. نحن كجمعية جذبنا 3 شركات تعمل في هذا المجال.

وتابع "تطبيق القيمة المضافة عموما خلق حركة في السوق، وبطبيعة الحال أضاف مزيدا من التنظيم بالعمل المحاسبي وهو أمر إيجابي من الناحية الفنية؛ كونه يتماشى مع المتطلبات وسلامة الدفاتر الحسابية، لكنه أوجد فرصا استثمارية محدودة".

لكن المجالي عاد ليؤكد أن تطبيق القيمة المضافة ولّد فرص عمل لدى الشركات المحاسبية العاملة بالسوق؛ كونها استحدثت أقساما جديدة وبالتالي احتاجت موظفين جدد، وهو مجال استفاد منه البحرينيون خصوصا خريجي المحاسبة، حيث استقطبتهم تلك الشركات ودربتهم، فيما استفاد معظمها من برامج صندوق العمل "تمكين" في تدريب وتوظيف هؤلاء.

وقدّرت وكالة التصنيف الائتماني العالمية "ستاندرد آند بورز"، وهي إحدى أهم 3 وكالات تصنيف معتمدة عالمياً، أن تحقق البحرين من ضريبة القيمة المضافة عوائد مالية تعادل نحو 1.8% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة.

وتوقعت الوكالة أن يصل الناتج المحلي الإجمالي في 2019 بنحو 15 مليار دينار، ما يعني أن عوائد ضريبة القيمة المضافة تقدر بنحو 270 مليون دينار سنوياً وذلك مع الأخذ في الاعتبار فعالية التطبيق الكامل من جني الضرائب.