العدد 4107
الأحد 12 يناير 2020
banner
الرد الإيراني الذي توقعناه
الأحد 12 يناير 2020

قبل أن ينشر عمودي السابق الذي توقعت فيه طبيعة الرد الإيراني المحتمل أو المتاح على اغتيال قاسم سليماني، تحققت توقعاتي تماما حول سقف الانتقام الإيراني لما جرى، وها هي النتيجة أمام الجميع جعجعة بلا طحين، فقد قتل سليماني، ثم قتل خمسون إيرانيا وأصيب المئات جراء التزاحم خلال تشييع جنازته، ومات مئة وخمسون أوكرانيا كانوا على متن طائرة مرت لسوء حظ ركابها فوق أجواء العراق خلال إطلاق الصواريخ الإيرانية التي لم تقتل ولم تصب سوى العراقيين كما سبق وتوقعنا، أما الأميركان فلم يحدث لهم شيء، وكأن الأمر مسرحية بالفعل كما قال بعض المحللين.

إيران أرادت أن تشفي غليل الرأي العام وأن تضمن عدم تعرضها لضربة ثانية قد تكون خسائرها أكثر بكثير من خسارة الجنرال سليماني، فأطلقت هذه الصواريخ التي سقطت جميعها في أماكن خالية ولم تصب أي أميركي بأذى. الشيء الغريب في القصة أن مراقبين عراقيين قالوا إن القوات الأميركية قامت قبيل الهجوم الإيراني بساعات بنقل جنود ومعدات من مواقع إلى أخرى داخل قاعدة عين الأسد في غرب الأنبار منعا لوقوع إصابات في صفوف هذه القوات.

واستدل هؤلاء المراقبون بهذا التحرك على وجود تنسيق بين واشنطن وطهران على هذه الضربة وحدودها ومداها من خلال وساطة قامت بها دولة خليجية قام وزير خارجيتها بزيارة طهران عقب الحادث، ومن بين الملاحظات، التي تدعونا لتصديق مسألة التنسيق بين إيران وأميركا على هذه الضربة المسرحية، ما صرح به جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني عقب انتهاء الضربة مباشرة وخصوصا قوله إن الهجوم الإيراني على القواعد الأميركية هو الرد النهائي على مقتل سليماني.

النتيجة الوحيدة للهجوم الإيراني هي أنه خفف حدة الضغط الداخلي على ترامب وأعطى رسالة طمأنة للأميركيين الذين كانوا يخشون سقوط أعداد كبيرة من الجنود في القواعد العسكرية الموجودة في العراق وفي غيرها، وبطبيعة الحال سيصدق كل الأغبياء والحمقى أن إيران انتقمت شر انتقام من الأميركيين وأن ثمانين أميركيا على الأقل قتلوا في ذلك الهجوم، والدليل على ذلك الاحتفالات التي عمت أماكن كثيرة وعمت قنوات كثيرة والتي مجدت وضخمت الرد الإيراني.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية