العدد 4103
الأربعاء 08 يناير 2020
banner
ريشة في الهواء
الأربعاء 08 يناير 2020

إذا فعلها أردوغان، وقرر إرسال القوات، وإذا ما قدر واحتل ليبيا، وسقطت محتلة، فإن الذي سقط حينئذ ليست ليبيا، بل كامل الدول العربية من شرقها لمحيطها، معنى ذلك أن حرمة ما يسمى بالأمة العربية، قد انتهكت بأسوأ مما كانت عليه من صورة بأي عصر من العصور منذ تاريخها المجيد، ففي الألفية الثالثة! وبعد مرحلة الاستعمار، تعود الدولة العثمانية للحياة من البوابة الليبية والفضل في ذلك لأكثر من 23 دولة عربية لم تفعل شيئا بهذا الصدد، هذا إذا افترضنا وتمكن سلطان تركيا واحتل ليبيا، لكن إذا فشل وانهار وسقط كما سقطت دولة السلطان عبدالحميد العفنة، فالفضل ليس للدول العربية، بل للشعب الليبي، وللدول الأوروبية وأولها اليونان التي وقفت في وجهه بشدّة، ودفعت ببقية الدول الأوروبية وخصوصا إيطاليا التي دعمت العميل فؤاد السراج إلى تغيير موقفها، ولكن يبدو ولحسن الحظ، أن قوات الجيش الليبي حتى كتابة هذا المقال تحرق المراحل وتسيطر على سرت والمدن والأحياء، وتحاصر طرابلس، وآمل أن تقبر حلم السلطان العثماني للأبد.

المضحك في الموضوع كله أن جماعة الإخوان المسلمين وجماعة ولاية الفقيه تلتقيان في محاربة العرب في كل مكان، ورغم التباين العقائدي الظاهر المخادع بين الطرفين إلا أن الإخوان وولاية الفقيه اتفقتا ممثلتين في تركيا وإيران على محاربة الدول العربية وتخريبها، فإيران تهدم في لبنان واليمن والعراق وسوريا، وكذلك تركيا تهدم في ليبيا وسوريا، وأتباع الدولتين من الإخوان وولاية الفقيه يلتقون في كل مكان توجد فيه إرادة عربية للتحرر والبناء وفرض الاستقرار.

المشكلة ليست في إيران ولا تركيا، ولا في الشيطان، المشكلة في الدول العربية التي تحولت أغلبها إلى دول كارتونية مثل العراق ولبنان اللتين سلمتا أمرهما لما يسمى بأحزاب الله.

مشكلة العرب أنهم ظاهرة صوتية، لا فعلية! اجتماعات وبيانات استنكار، ولهجات حادة، لكن ساعة الفعل إيران وتركيا، تتخذان المواجهة، ليس المطلوب حربا عسكرية مع الدولتين ولا مواجهة حربية، المطلوب فقط وحدة صف جميع الدول حتى يكون الموقف قويٍا بوجه الآخر، لكن يبدو أن تباين السياسات والتحالفات والمصالح الضيقة بين الدول العربية هو ما يجعل موقف الآخرين أقوى، لو كان هناك صوت واحد، حتى لو كانت هناك تباينات سياسية ومصالح جانبية، فعلى الأقل يكون التنسيق على الأمور المصيرية، انظروا إلى إيران وتركيا رغم تباين مصالحهما تلتقيان على مواجهة الدول العربية، وانظروا إلى التنسيق بين جماعة الإخوان وجماعة الولي الفقيه، وكيف تصبحان عملة بوجهين!

أعود وأقول إذا فعلها أردغان وغزا ليبيا وسط صمت وتفرج العرب، فلن تسقط ليبيا وحدها بل سيسقط كل العرب.

 

تنويرة:

لا تأمن أقرب الأصدقاء لأنك تحبه فقط.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .