+A
A-

تغوّل التعليم الأهلي في العراق.. حل أم أزمة؟

بعد عدم حصولها على معدل يؤهلها للانخراط في أي من الجامعات الحكومية في العراق، قررت عهود محمد جعفر (19 عاما) اللجوء إلى كلية أهلية، في ظل زيادة ملحوظة في عدد هذا النوع من الكليات، التي تؤكد وزارة التعليم العالي إشرافها عليها.

وتؤكد جعفر التي نالت معدلا لا يتخطى 56 في المئة في الثانوية، أن انخراطها في دراسة إدارة الأعمال بكلية المأمون الأهلية "جاء بسبب المعدل الذي لا يمكنها من دراسة هذا المجال في الجامعات الحكومية العراقية، فضلا عن المبلغ المقبول نسبيا، وهو 1.5 مليون دينار عراقي (نحو 1200 دولار أميركي)، بهدف ضمان المستقبل المهني".

وتعزو اختيارها كلية المأمون إلى "قربها من محل سكنها، فضلا عن ساعات الدوام القليلة، مقارنة بالجامعات الحكومية، بالإضافة إلى سهولة حصد النجاح من دون تعب، والسماح بغياب أو عدم انتظام الطلبة بعذر أو دون عذر".

ولا يختلف ذوالفقار هاشم (24 عاما) كثيرا عن عهود، لأنه لجأ إلى خيار الكليات الأهلية، وتحديدا كلية الإسراء الجامعة بسبب معدله (71) الذي لا يؤهله لدخول الجامعات الحكومية".

ورغم اعتباره نفقات الدراسة، البالغة 1.5 مليون دينار عراقي باهظة جدا، فإنه متمسك بالدراسة فيها، لأنه لا يرى "فارقا يذكر بين الكليات الأهلية والحكومية، من حيث المساواة، لأن خريجي الجامعات يحتاجون في النهاية إلى واسطة من أجل الحصول على فرصة عمل".

إقرار حكومي

وأقر وزير التعليم العالي والبحث العلمي قصي السهيل في تصريح صحفي سابق، بأن التعليم الأهلي لا يزال دون المستوى المطلوب، عازيا الأمر إلى رغبة بعض الكليات بتحقيق الربح السريع على حساب نوعية التعليم.

وحول ازدياد تأسيس الجامعات الأهلية وفي ظل الإقبال عليها من الطلبة وأولياء الأمور، يقول الأكاديمي في جامعة بغداد (الحكومية) الدكتور رسول العامر، إن "بروز الكليات الأهلية بعد العام (2003) له دور رئيس في تزايد الحركة العلمية، فضلاً عن تقليل اكتظاظ الطلاب في الجامعات الحكومية، عبر تقديم فرص الدراسة لأصحاب المعدلات المنخفضة، لكنها ما لبثت أن تغير مسارها، لتتماشى عكسيا مع هدفها المنشود، وهو نشر العلم والمعرفة، باحثة عن تحقيق الهدف الربحي، وإن كان ذلك على حساب نوعية التعليم المقدمة وجودته".

ويضيف أن "لذلك آثار خطيرة، كتدني المستوى العلمي للخريجين، مما أفرز العديد من المظاهر الجانبية الخطيرة، من قبيل غياب الكفاءة التخصصية، وبالتالي إخفاق هؤلاء الخريجين في سوق العمل"، مشيرا إلى أن "ذلك أنتج تراتبية طبقية، حيث صار المسؤولون وأبناؤهم، فضلا عن التجار وأصحاب الثراء الفاحش يحرصون على التسجيل في هذه الكليات الأهلية، لتحقيق نوع من المكانة (البرستيج) داخل المجتمع، طالما أصبح النجاح مضمونا".

ويقترح العامر "إنشاء توأمة بين الجامعات الحكومية والأهلية، لأن ذلك سيمكن الأخيرة من تطوير واقعها العلمي، فضلاً عن إعادة النظر بافتتاح بعض الكليات الأهلية في عموم البلاد مؤخرا"، مؤكدا على "ضرورة المتابعة الحكومية الدورية لهذا النوع من الكليات، بغية ضبطها فنياً وعلميا".

وكانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد قررت في أبريل الماضي، إيقاف عملية استحداث الجامعات الأهلية لحين انتهاء اللجان الفرعية من تقييم واقع ومستوى التعليم الأهلي.

تحت عين الحكومة

إلى ذلك، يقول الدكتور رافع عبد الرضا، مدير قسم الشؤون الطلابية في دائرة التعليم الجامعي الأهلي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اتصال هاتفي، إن "الجامعات والكليات الأهلية تخضع لإشراف وتقويم الوزارة، وذلك لغرض تنفيذ الأهداف المنصوص عليها في قانون التعليم الجامعي الأهلي للحفاظ على مستوى كفاءة الأداء المطلوب".

ويوضح أن "لدينا مركزا داخل الوزارة يسمى (مجلس التعليم العالي الأهلي) وهو أعلى هيئة علمية وإدارية تقوم بالإشراف على التعليم الأهلي، من عدة محاور كالإشراف على المناهج الدراسية والمصادق عليها بعد إقرارها من الهيئات القطاعية المختصة من الوزارة، ومتابعة إجراءات توفير وتطوير المستلزمات الدراسية للجامعة والكلية الأهلية والإشراف ومتابعة المختبرات والقاعات الدراسية والبنى التحتية وخطط القبول وأعداد المدرسين ومراتبهم العلمية وغيرها من الأمور الأخرى، فالدراسات الأولية والعليا في الجامعات والكليات الأهلية  تخضع التعليمات والضوابط نفسها المعمول بها في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي".

ويبين "أما المعدلات الدنيا للقبول في الجامعات الأهلية بالاختصاصين الأدبي والعلمي وتحديدا للاختصاصات الطبية والهندسية والقانون فهي كالتالي: الطب العام 93، طب الأسنان 83، الصيدلة 83، هندسة النفط 72، الهندسة المعمارية 70، الهندسة المدنية 64، هندسة المساحة 62، هندسة البناء والإنشاءات 64، هندسة الكهرباء 63، هندسة تقنيات البناء والإنشاءات 63، هندسة تقنيات الحاسوب 63، هندسة تقنيات الأجهزة الطبية 63، هندسة تقنيات الحاسوب 63، هندسة تقنيات الاتصالات 63، هندسة البناء وإدارة المشاريع 63، هندسة الطرق والجسور 63، هندسة تقنيات القدرة الكهربائية 60، القانون 57 ، فيما تخضع الأقسام الأخرى للمفاضلة".

العوائد السنوية

وحول النسبة المالية التي تتقاضاها وزارة التعليم العالي العراقية من عوائد الكليات الأهلية السنوية، فيؤكد على أن "التعليمات والضوابط قد حددت نسبة العوائد من الكليات والجامعات الأهلية للوزارة بمقدار 3 بالمئة"، لافتا إلى أن "نص قانون التعليم الجامعي الأهلي المرقم 25 لسنة 2016 أوكل صلاحية الموافقة على مقدار الأجور الدراسية السنوية المقترحة من الجامعة أو الكلية أو المعهد الى مجلس التعليم الجامعي الأهلي، وهو من يقوم برفعها للوزارة من أجل المصادقة عليها".

ونبه إلى "وجود معهد أهلي واحد فقط، يضم دراسات عليا، وهو معهد العلمين للدراسات العليا الذي يمنح شهادتي الماجستير والدكتوراه في اختصاصي العلوم السياسية والقانون، وأن أعداد الطلبة فيه لسنة 2018/ 2019 بلغ 71 طالبا في مرحلة الكتابة و21 في الكورسات الدراسية".

جدير بالذكر أن الموقع الإلكتروني لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي قد نشر أعداد الكليات الأهلية وأسمائها لعام (2019) في عموم العراق من شماله إلى جنوبه، إذ بلغ عددها ما يقرب 75 كلية جامعية.