العدد 4074
الثلاثاء 10 ديسمبر 2019
banner
مكافحة الفكر الضال (3 - 5)
الثلاثاء 10 ديسمبر 2019

هل الإتجار بالأشخاص جزء لا يتجزأ من فكر ضال في المجتمع؟ بكل تأكيد، وهل مملكة البحرين كافحت هذا السلوك بما فيه الكفاية؟ بالتأكيد هناك من المؤسسات ما يكافح هذا السلوك غير الآدمي.

لكن التعريف الدقيق للإتجار بالأشخاص ربما يأخذ منحى مختلفًا، بُعدًا آخر، زمنًا تجاريًا بحتًا، بينما نحن نبحث في زمن عقائدي فكري بحت.

الإتجار بالأشخاص سلوك ضال، والسلوك الضال، فكر منحرف عن ثوابت وطن، وتراث أمة، بمعنى أن الذي يتربى بوعي محدد بألف باء أخلاق في المجتمع، والذي ينشأ في مجتمع يعيب على الصغير عندما لا يقف للأكبر منه سنًا، والذي يعتاد على تدخين السيجارة أمام أبيه، ووضع الساق على الساق على من هم يتقدمون عليه في المقام أو القيمة أو العمر، فإذًا ذلك يعتبر سلوكًا جمعيًا عاديًا في المجتمعات التي يتربى فيها النشء على هذه الخصال الحميدة لدينا، والتي لا قيمة لها على الإطلاق في مجتمعات أخرى.

من هنا يمكن عمل ما يسمى بـ “ستريتش” للملعب الذي يتنافس فيه فريقان على كرة، أو طرفان على مقعد، أو مجموعتان على سؤال، ومن هنا يمكن إضافة أعداد أكبر من المتنافسين في الملعب، أو الاكتفاء بالعدد الذي يفرضه قانون اللعبة، في جميع الأحوال سواء تم توسيع الملعب بالعدد نفسه الذي تم الاتفاق عليه قبل تغيير القانون، أو لم يتم، فإن النتيجة التي سيصل إليها الفريقان المتنافسان لا يمكن الاحتجاج عليها، بل يجب الالتزام بها والاعتراف بآثارها أو جني ثمارها بالنسبة للفريق الفائز.

إذًا هنا يمكننا تقسيم المجتمعات إلى فرقتين: إحداهما تؤمن بأن القبول بالآخر ضرورة وثابت وأصل له جذور، وأخرى تحدد سقف لهذا القبول إذا تنافى مع معتقداتها الدينية أو حالتها الأمنية أو ثوابتها المجتمعية.

الخلاف أو الاختلاف هنا سيكون متفق عليه سلفًا، ومحاولة تقريب الفوارق بين المجتمعات من خلال حوار حضاري بناء، كان ومازال وسيظل هو الأمل في تذويب الحدود بين الأمم المتحضرة، والشعوب المتقدمة، والمجتمعات المتحابة المتعايشة.

ونحمد الله ونشكر فضله أننا في مملكة البحرين اعتدنا على أجواء التسامح والتعايش والقبول بالآخر، ونعتقد بأن الخروج عن هذه القيم الوطنية الأصيلة هو نوع من الازدراء لهذه القيم، وأن الرضوخ لفكرة الرفض القاطع لسلوكيات ارتضاها المجتمع على مرمى البعد من تاريخه، هو نوع من العدوان على نظام حياة، والاستسلام لفكرة ضلت الطريق في الخارج، ثم حامت حول حدودنا ربما تجد ملاذًا آمنًا لها في الداخل.

على أية حال، فكرة المكافحة لم تنطلق من فراغ فكري، أو خلاء ذهني لكنها جاءت في مواجهة فكرة أخرى ضالة، عبور آخر مارق في مواجهة موروث عزيز تتمسك به الأمة عندما يحاصرها فكر آخر غريب، وسلوك آخر دخيل، وضيف ثقيل على أي قاعدة وفي أي اتجاه.

يتبع...

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية