العدد 4073
الإثنين 09 ديسمبر 2019
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
فعلاً نحن نجعل البعض يصدّق نفسه..
الإثنين 09 ديسمبر 2019

يحكى أن فرعون سأل وزيره ومستشاره الخاص هامان عن أسباب منع الأخير لأحد المزارعين من مقابلته، أي مقابلة فرعون. كان رد الوزير بأن طلب هذا المزارع صعب التنفيذ، بل إنه مستحيل، فهو يريدك إحياء بقرته التي نفقت والتي لا يملك غيرها، وهذا أمر مستحيل الحدوث. فرد فرعون قائلًا إن تنفيذ طلب المزارع ليس بمستحيل، أليس هو، أي فرعون، سيد القوم وإلههم كما يدعي؟ هنا جاء رد الوزير المعروف: على هامان يا فرعون! أي أنني أنا من اقترح عليك الألوهية ويبدو أنك صدقت هذا وبدأت تعيش هذا الدور فعلًا. حكاية كنت قد استخدمتها في مقالة سالفة وأجدها ذات علاقة بمقالتي الحالية.

تلك الحكاية تراءت أمامي وأنا أستمع إلى أحد الزملاء وهو يتحدث وبإعجاب عن منهجية الرئيس التنفيذي الجديد في تعامله معهم والأسلوب الراقي الذي يؤمن به ويطلب من العاملين معه في المؤسسة اتباعه. تابع محدثي: تصوّر أن الرئيس يعترف أمامنا بأنه لا يعرف كل شيء ولا يريد أن يوهمه أحد بأنه خلاف ذلك. الرئيس يطلب منا مناقشته في الآراء والاقتراحات والأفكار التي يطرحها ويؤكد لنا أننا جميعًا شركاء في صنع القرار. أليس هذا خارج المألوف؟

أجبت زميلي قائلًا: بل يجب أن يكون ما قاله رئيسكم العنصر الأساس والعمود الرئيس الذي تبنى عليه الثقافة المؤسسية الراقية والهادفة إلى تأسيس بيئة عمل خلاقة ومبدعة وصحية. في هذا السياق يقول د. غازي القصيبي (رحمه الله) وهو يتحدث عن تجربة عملية: ’’كلما تبدي رأيًا يقال لك إنه رأي عظيم. كلما تبدي فكرة يقال لك إنها فكرة عظيمة. بالتأكيد كثير من الموظفين العاملين معك سوف يقولون هذا والاستماع إلى هذا (النفاق) هو مهنة في الواقع لكن لو صدقها فستتحول المهنة إلى مصيبة أو إلى كارثة” انتهى.

نعم، فالخوف كل الخوف هو أن يبدأ هذا المسؤول يصدق أنه فعلا صاحب الرأي السديد والصحيح دائمًا. ما رأيك سيدي القارئ؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية