العدد 4072
الأحد 08 ديسمبر 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
لبنان والعراق بحاجة إلى مخْلص وليس إلى “مخ” لص
الأحد 08 ديسمبر 2019

عندما يصرخ الرغيف تسكت المسبحة وتخجل ربطة العنق. صرخة مدوية في كل العالم حتى في الدول الأوربية؛ لأجل التمسك بأقل ما بقى من رداء من حقوق. في فرنسا مظاهرات عارمة ضد محاولة تعديل نظام التقاعد حيث وطأة النظام الرأسمالي غير المأنسن، حيث حريرية معيشة الأغنياء وبؤس المهمشين، وكذلك الحال في إيطاليا التي أتنبأ مستقبلا باندلاع مظاهراتها من جموع جائعة؛ إذ يئن اقتصادها تحت وطأة الديون، ولا تعلم ماذا يفعل وزراء الاقتصاد فيها غير التلاعب بالأرقام المخدرة، هذا فضلًا عن إسبانيا واليونان والبرتغال وحيث تراجع النمو الاقتصادي في عملاق الاقتصاد الأوروبي، ألمانيا. كل مقولات الإمام علي (ع) في خطورة تحميل الناس ضرائب أخطاء أنظمة الاقتصاد التي تستثني الفساد والإصرار بمشاريع فاشلة يدفع ضريبتها الناس الفقراء أو الحديث عن ظلم التوزيع الذي تحدث عنه أناس عظماء كفكتور هوجو او دوستويفسكي أو تشارلز ديكنز في رواياتهم توضح خطر الجشع. فالجشع خطير. يقول الإمام علي (ع) “ويأتي زمان لا بالقليل يقنعون ولا بالكثير يشبعون”. أكثر الناس خطرا هم الذين يفصلون هذه الدول عن حقيقة الوجع اليومي بترويج أن “كل شي بخير، والناس في بحبوحة من العيش”. ينطبق عليهم قول نجيب محفوظ: إنهم كذابون.. ويعلمون أنهم كذابون.. ويعلمون أننا نعلم أنهم كذابون.. ومع ذلك فهم يكذبون بأعلى صوت.. ويتصدرون القافلة”.

الحب فوق هضبة الهرم، هؤلاء لا يحبون الدولة ويكرهون الناس؛ لأنهم يجعلون الدولة تعيش في عالم افتراضي، ويزورون حقيقة تشّكل الإعصار، ويستغلون صمت الأرض، وهي تغلي من البركان تماما كما يحدث في العراق ولبنان الذين يقتربان إلى درجة الانهيار على جميع المستويات. شعبان جائعان ومصرف لبنان ممتلئ بـ 175 مليار دولار أكثرها لزعماء الطوائف. المثقف الصادق أو المسؤول الصادق هو من يطرح الحقيقة، يتحدث عن الإنجازات ويطرح الأخطاء بصدق بحثا عن حلول كما فعل لي كوان يو وباك. الزعيم الكوري “باك” حرر كوريا الجنوبية بشعار “الأولوية للبطون الجائعة”، فوصلت كوريا للسماء. العراق يوزع شهداءه على الأرصفة باكيًا، وأصبح الانفجار هذه المرة في المناطق الشيعية بشكل أكبر؛ لأن الجماهير اكتشفت أن هذه الحكومات التجأت إلى العقيدة كفخ لاستغلال الناس تحت سياسة “جوعوا انتم ودعوا الدولة لنا”. إنه التخدير الذي مارسه أصحاب الإسلام السياسي وبقية الأحزاب المنتفعة، لكن العراقيين اكتشفوا هذه الحكومات، والتسلل الإيراني، فبان المكشوف. الأمر ذاته في لبنان، خدروا الناس طائفيًا، وقسموها إلى كانتونات حزبية، وفصلوا الدولة عن محيطها العربي، وهم وأولادهم تقاسموا المليارات باسم الناطقين باسم الطائفة. لا شيء ينقذ الوضع إلا دائرة واحدة بحكومة توكنوقراط بدماء شبابية متصالحة مع مصالح الناس ومع العصر. هؤلاء لا يريدون عدالة اجتماعية، فقد كفروا بها، ولكن يطلبون مساواة في الظلم تحت مقولة “لم نعد نُريد العدل؛ لأنهُ مُستحيل

وكل ما نُطالب به هو توزيع الظلم بطريقة عادلة فقط!”. فمثل هذه. الدول غير عادلة حتى في توزيع الظلم. ما هو أخطر من الحكومات الشمولية والحكومات الشيوعية والبعثية والديكتاتورية هي الحكومات الدينية؛ لأنها قبل أن تقتل الناس تدعي أن السكينة تلقتها من السماء وبمباركة من الملائكة. لاحظوا أن أكثر الأحزاب شراسة ضد حقوق العراقيين واللبنانيين اليوم هم من لعشرات السنين يرفعون شعارات حقوق العدالة، ووجع الناس ولغة الرغيف. الحقيقة السوسيولوجية المؤلمة، إن البشر يستخدمون كل شي لأجل نظام مصالحهم، نعم تختلف الأغطية، ولكن الجسد واحد. أقول: لبنان والعراق بحاجة إلى مُخْلص وليس إلى “مُخ” لِص.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .