العدد 4068
الأربعاء 04 ديسمبر 2019
banner
انتهاكات “السفارة” (4 - 5)
الأربعاء 04 ديسمبر 2019

لكل شيء بداية ونهاية، وإذا كانت بدايات جماعة “السفارة” حسب التقويم الزمني لمملكة البحرين هي ثمانينيات القرن الماضي، وإذا كان الانتقال من مرحلة تهديد الثوابت، إلى تغيير الفكر، فإن كثيرين ممن سبقوا هذه الجماعة قد حاولوا إصلاح ما أفسده الدهر، تارة بتجديد الخطاب الديني وأخرى بالدعوة إلى الإصلاح.

ولقد كان الإمامين جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده المنتميان لمدرسة الأزهر الشريف التقليدية من أشد المعجبين بخطاب التوحيد على أساس واقعي، وأن رحلة الإمام محمد عبده تحديدًا إلى بلاد الترنسفال بجوار جنوب افريقيا قد لعبت دورًا إصلاحيًا مهمًا في تمدد الفكر التنويري الديني إلى حدود المحيط الهندي جنوب القارة السمراء.

لكن هيهات بين “عروة محمد عبده الوثقى” التي صدرت على هيئة مجلة في منفاه الفرنسي، وما تحاول أن تعبث به جماعة “السفارة” رغم المشاهد الشكلية التوافقية التي يسوقها نفر منهم، هيهات وشتان بين إصلاح محمد عبده وبدع “السفارة”، وفرق كبير بين مجتهد حيث لكل مجتهد نصيب، وبين مدعين يتنافسون على صب جام اعتقادهم المرفوض من أمة استقرت مفاهيمها عند حدود إلهية لا تقبل التأويل، وفوق منصات مذهبية اختارت التوافق شرطًا، والتلاحم دستورًا، وضرب الفرقة في المجتمع الواحد نظامًا أبديًا مستنيرًا.

“السفارة” في البحرين وليست “السفارة في العمارة” هي التي أحدثت هذا الضجيج الهائل، هي التي انتظر المستمعين لها طحينًا ولم يجدوا، وتوقع المريدين منها دليلًا ماديًا واحدًا على ظهور “الإمام” (عجل)، لكنهم فشلوا في إيجاد الدليل.

الثوابت وأصحابها من فرق وجماعات على أعلى درجة من الإيمان بالموروث الديني الصحيح يتفقون على مبدأ (الإقصاء للأقصى)، وأن الخارجين عليهم والمكابرين منهم مازالوا يتنافسون على دفن السم في العسل، وقضم حبة السكر حتى آخرها، وتذويب فكرة الانسجام قبل الاتفاق إلى أن يحين موعد “الأمر بغير المعروف”، هو بالتحديد ما يعني بأن القادم قد يكون أسوأ لو تركنا الفكر التكفيري منفتحًا، والصوت التضليلي منقولًا، والانقطاع عن المجتمع جزءًا لا يتجزأ من فكر جماعة “التكفير والهجرة” قبل أن تتحول في إحدى المهرجانات الشعبية إلى “تفكير في الهجرة”، ليست مزحة ولا تقريب مخل لمبدأ مختل، ولا عمود إضاءة لا ينير الطريق إلا عندما ترغب القطط والجرذان وبقايا العابرين. مواجهة من؟ وكيف؟ المسؤولية الكبرى وأدوات الضبط والربط، والضغط خصوصية التحدي وتفاصيل الأحلام المضحكة، كلها علامات تعجب تطرحها الفكرة الأساسية في حديث آخر إن شاء الله. وللمقال بقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية