العدد 4059
الإثنين 25 نوفمبر 2019
banner
مواقف إدارية أحمد البحر
أحمد البحر
نادي المتذمرين وممتهني الأعذار
الإثنين 25 نوفمبر 2019

يحكى أنه في سالف الزمان والمكان قام أحد المتبرعين الأثرياء بتأسيس نادٍ خاص أطلق عليه نادي المتذمرين وممتهني الأعذار. وكما هو واضح من العنوان فإن النادي كان خاصًا لا يقبل في عضويته إلا أولئك المدمنين للتذمر والأعذار. كان الهدف من إنشاء هذا النادي هو احتواء هذه الشريحة الصغيرة جدًا من غير المنتجين؛ خوفًا من تأثيرها السلبي على أولئك المبدعين والجادين في أعمالهم والذين يمتلكون الحس بالمسؤولية.

كان الإعلان عن بدء قبول طلبات العضوية وشروطها جاذبًا، حيث أخذ طابع الأسئلة التي لا تتطلب إجابة مطولة تماشيًا مع القدرات الذهنية للشريحة المستهدفة. مثال على ذلك: هل تهوى التذمر؟ هل أنت بارع في صياغة الأعذار للتهرب من العمل؟ هل أنت من الذين يجيدون التحدث عن الإنتاجية فقط ويكتفون بذلك؟ هل أنت من الذين يحملون الساعة كديكور ويجهلون قيمة الوقت أو يتجاهلون ذلك! هل أنت من الذين يصّرون أن قدراتهم لم تكتشف بعد؟

أصبح للنادي عدد لا بأس به من الأعضاء. كانت أنشطة النادي مقتصرة على الاجتماعات التي يكون موضوعها الأوحد التذمر وكيفية خلق الأعذار ومحاولة نشر هذه الثقافة في المؤسسات. كان أسلوب هذه الاجتماعات غريبًا ويعكس تمامًا “ثقافة” الحضور، فلا يوجد من يستمع بل الجميع يتحدث في ذات الوقت. في نهاية الاجتماع يهنئ بعضهم البعض على تحقيق الهدف وهو أن التذمر مبَرر وصحيح وأن اللائحة الاسترشادية للأعذار واضحة وشاملة وصالحة للاستخدام.

في أحد الأيام تفاجأ أعضاء النادي وهم يدخلون قاعة الاجتماعات بلوحة جدارية كبيرة أمامهم. الجميع وقف مشدوها وصامتًا لا يصدق ما تراه عيناه، فالعبارة المرسومة على تلك اللوحة وبخط واضح وبأحرف كبيرة تسببت في خلق الفوضى والبلبلة فيما بينهم. كانت العبارة المكتوبة تقول: هل نحن فاشلون في أداء أعمالنا ونتخذ من التذمر والأعذار ستارًا؟ هل نعترف بهذه الحقيقة؟ أُلغي الاجتماع وأُعلنت حالة التذمر القصوى للبحث عن هذا (المتمرد)! ما رأيك سيدي القارئ في هذا النادي؟ أليست فكرته صالحة لكل زمان ومكان؟!

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .