العدد 4056
الجمعة 22 نوفمبر 2019
banner
القراء لا يهبطون من السماء
الجمعة 22 نوفمبر 2019

رغم قلة الجوائز الأدبية في منطقة الخليج، إلا أن هناك حالة غير طبيعية تسود هذا العالم المليء بالغموض وكأنه انتقال بين الوجود والعدم، فبعض الأدباء يقاطعون الجوائز ويودون تحطيمها بالمطارق وتقطيع أوصالها بالمناجل، والبعض الآخر يركض إليها بشكل مفضوح وكأن بينهما قصة حب، البعض يرى الجوائز مثل أسراب العصافير والحمام، والبعض الآخر يراها منطقا غير إنساني وأسلاكا شائكة يحرسها مجنون يقتله الضجر، وقد استمعت شخصيا إلى آراء الطرفين، إلى الرعب والوهم المتسلط وتأكدت وهذا تقدير شخصي أن مطالب الحياة اليومية تضغط بعنف وقسوة على الأديب وتجعله يعيش التناقض والتمزق.

بوسعنا فهم أسباب تشوق الأديب إلى نيل جائزة، فهو يرغب في أن يكسب فجأة جمهورا قارئا، ويود أن يكف الأدب عن أن يكون بالنسبة إليه نشاطا شرفيا قد يغري ويثير الغرور، لكنه يظل شبه مجاني، هو ينسى أن جمهورا قارئا يكسبه عاما، سيخسره بسهولة في العام التالي، فكم عدد المرشحين لإحدى الجوائز الذين رأوا كمية المطبوع من أحد كتبهم ترتفع إلى الرقم الفلاني، ثم تهبط من جديد إلى رقم آخر من نسخ الكتاب التالي. إن نتاجا ما لا يمكن أن يفرض بصورة مصطنعة على جمهور ليس هو جمهوره، أما كتاب ما، فهذا ممكن، فالقراء لا يهبطون من السماء، إنما يستحقهم المؤلف استحقاقا، مع الزمن وعلى قدر الجهد والبذل.

تستطيع الجائزة أن تمارس تأثيرا قويا حين تتوج الأديب، وفي نفس الوقت هناك جوائز تقتل ولها عدة طرق لتقتل كاتبا وتحطمه، فهي أولا تدفعه إلى كتابة نوع من الأدب لا يبدع فيه دائما، وهي تحثه على أن يفرغ من كتابه في وقت سريع، ثم إنها تغذي لديه مطامع وأوهاما ليست لها أية مبررات وجيهة وهكذا هو عالم الجوائز الأدبية والتهاب آفاقها!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .