+A
A-

واشنطن تريد تغييراً في طهران.. وتخشى الانفجار الكبير

لم تأخذ الإدارة الأميركية قراراً بتغيير النظام الإيراني وما زالت تنتظر تغييرا في تصرفات النظام خصوصاً وقف التدخّل في شؤون الدول الجارة والامتناع عن صرف الأموال على ميليشيات تابعة لها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.

أما ما تحاول الإدارة الأميركية القيام به وكيف تتعامل مع أحداث إيران، فهو أمر مثير للاهتمام.

الرئيس الأميركي يبدو على مسافة من الأحداث في إيران ولا يبدو منخرطاً "علناً" في تفاصيل الأمور، فيما يخرج الفريق المكلف بـ"ملف إيران" إلى الواجهة للتعبير عن وجهة نظر الرئيس الأميركي وإدارته.

الضغط الداخلي على ترمب

تشير مصادر قريبة من الإدارة الأميركية إلى أن الرئيس الأميركي منهك من ملاحقة الديموقراطيين له، وهم يحاولون الطعن في رئاسته وإزاحته من البيت الأبيض، ويصرف الرئيس الأميركي وقتاً والكثير من الانتباه لهذه القضية. لذلك نرى وزير الخارجية مايك بومبيو والموفد الخاص لشؤون إيران أكثر انخراطاً وحضوراً، ويبقى الرئيس على اطلاع مباشر بما يحدث.

أشار بعض المقرّبين من دوائر الحزب الجمهوري أن الرئيس ترمب يستمع في هذه القضية إلى العسكريين وهو يثق جداً بهم بالإضافة إلى فريقه المعيّن، أي مايك بومبيو وبراين هوك ومستشار الأمن القومي روبرت أوبراين وفكتوريا كوتس وهي مساعدته الخاصة لشؤون الشرق الأوسط وتعمل ضمن فريق مجلس الأمن القومي، بالإضافة إلى الإطار العائلي الذي يكون حاضراً من خلال جاريد كوشنر وإيفانكا ترمب ابنة الرئيس.

بالمقابل، لا يستمع الرئيس ترمب إلى السفراء والموظفين الدائمين ويعتبر أنهم لا يوالونه، وأنهم كانوا إلى جانب إدارة الرئيس السابق أوباما، وسهّلوا للنظام الإيراني المفاوضات حول الملف النووي، كما قبلوا بتمدّده في دول الشرق الأوسط ولم يلاحقوه حول العالم.

من جهة أخرى، يجد الوزير بومبيو أنه في مقدمة الحركة مع الموفد الخاص براين هوك، ويعتبر مقرّبون من الإدارة الحالية أن بومبيو يحافظ على علاقات جيدة مع أعضاء الكونغرس ويستمع إليهم في قضايا إيران، كما يحافظ على علاقاته الجيدة مع العسكريين وهو ضابط سابق، ويحتفظ بعلاقة جيدة مع وكالة الاستخبارات المركزية وهو كان مدير CIA في السنة الأولى من ولاية ترمب.

سياسة حذرة

الآن تتعامل الإدارة الأميركية بحذر كبير في الملف الإيراني، ففي حديث مع "العربية"، رفض الموفد الخاص براين هوك أكثر من مرّة القول إن كانت الولايات المتحدة ستقوم بـ"دور فاعل" أو إن كانت الولايات المتحدة "ستدعم التظاهرات؟" أو "تتعاون مع المعارضة الإيرانية، واكتفى بالقول "نقف إلى جانب الشعب الإيراني، هم يستحقون حكومة أفضل تمثيلاً"، وأضاف "سياستنا تؤتي ثماراً وساعدت كثيراً".

وأشار هوك إلى أنه اجتمع مع مجموعات كثيرة من المعارضة حو العالم وقال "إنهم مجموعات من المتحمسين ولديهم طاقة وهم أيضا منقسمون حول مستقبل إيران"، وأضاف "إن مستقبل إيران يقرره شعب إيران"، وشدّد هوك على أن الإدارة الأميركية لم تغيّر من سياستها خلال الأيام الماضية وأنها ما زالت تنظر إلى تغيير تصرفات النظام ولا تطلب أو تسعى إلى تغيير النظام.

ليس أوباما

تبدو الإدارة الأميركية أيضاً في موقف "حرج" ولا تريد الظهور وكأنها متفرّج على الأحداث. يوجّه المسؤولون الأميركيون انتقادات واضحة لسياسة الإدارة السابقة خصوصاً أنها حافظت على سياسة عدم التدخّل عندما قمع النظام الإيراني المتظاهرين والمحتجين على تزوير الانتخابات الإيرانية في العام 2009.

في الوقت ذاته لا يريد الأميركيون، أقلّه الآن أن يبدوا وكأنهم يتدخلون في الشارع الإيراني، أولاً لأنهم يعتبرون أنه يتحرّك لوحده، وثانياً أن الإيرانيين يعترضون على هدر أموال دولتهم في التدخلات الخارجية، وثالثاً يعتبر الأميركيون أن العقوبات كانت كافية لإيصال إيران إلى المأزق التي هي فيه الآن.

ما يحدث أكبر من سعر الوقود

ربما يكون الأهم بحسب بعض المقرّبين من إدارة ترمب، أن الرئيس الأميركي وأعضاء فريقه يحاولون تفادي اتخاذ إجراءات جذرية تسبب انفجاراً في إيران ويخشون امتداد هذا الانفجار إلى الشرق الأوسط، ويعتبرون أن الإدارة الأميركية لا تستطيع توقّع المضاعفات وتريد مساراً أكثر هدوءاً لأي تغيير في إيران.

يبقى أن ما يحدث في إيران، أكبر من اعتراض عرضي على تصرفات الحكومة في طهران، ويقول براين هوك لـ"العربية": إن ما يحدث أكبر من سعر الوقود، إنها تظاهرات على مستوى البلاد وهي ضخمة وتعني الشيء الكثير.