العدد 4045
الإثنين 11 نوفمبر 2019
banner
الشراكة الحكومية مع القطاع الخاص (2-4)
الإثنين 11 نوفمبر 2019

مبادرات الدول المتقدمة لدعوة القطاع الخاص ليضطلع بدوره في مساندة الحكومة لتأمين توفير السلع والخدمات بسعر وطريقة ملائمة للجمهور ليست جديدة، بل قديمة جدًا وأخذت أشكالًا كثيرة، كانت بدائية ثم تطورت بشكل كبير وأخذت أنماطًا متنوعة تبعا لشكل وحجم الاقتصاد ودرجة تطور المجتمع.

المبادرة في بناء علاقة الشراكة بين القطاعين يجب أن تأتي من طرف الحكومة من خلال القيام بخطوات عدة؛ بهدف تهيئة المناخ لتكوين هذه العلاقة من خلال:

أولًا: مساعدة القطاع الخاص على تطوير قدراته سواء ما يتعلق منها بالكوادر البشرية بمختلف المراتب، أو تبني أفضل الممارسات العالمية في مختلف قطاعات العمل والإنتاج وتقديم الخدمات، وتشريع قوانين تؤكد وتعزز النزاهة والشفافية، انتهاءً باقتناء التقنية الحديثة واستخدامها بشكل مفيد.

ثانيًا: التركيز على تنمية المميزات التنافسية للقطاع الخاص بشكل مكثف في القطاعات والأنشطة التي ترغب الحكومة في إشراك/‏ الحصول على مساعدة القطاع الخاص فيها في المستقبل، إذ إن التمهيد للهدف الرئيس يكون من خلال تحليل قدرات القطاع الخاص في هذه الميادين بشكل دقيق وحل المشاكل التي تعترض عمليات التطوير وقياس مدى قدرة القطاع الخاص على سد الفجوة أو الفراغ الذي تعاني منه الحكومة.

ثالثا: بعد التأكد من قدرة القطاع الخاص على حل المشكلة التي تعاني منها الحكومة في تقديم الخدمات بطريقة ملائمة لكل الأطراف ومجدية اقتصاديًا، تبدأ الحكومة تدريجيًا في إحلال القطاع الخاص محلها في تحمل المسؤولية.

النتيجة النهائية لكل هذه الخطوات هي تأسيس قطاع خاص قوي ومؤهل، قادر على النمو والتأقلم مع المتغيرات واقتناص الفرص لمصلحته، وإحدى هذه الفرص هي الشراكة مع القطاع الحكومي.

التجارب التي ممكن أن نسوقها، المحلية والعالمية منها، في هذا الإطار كثيرة وتبعث على الفخر وإن رافقها بعض العثرات، فمن لا يعمل لا يخطئ. فعلى سبيل المثال تحرر قطاع المواصلات في المملكة المتحدة من الإدارة الحكومية منذ أيام بريطانيا الثاتشرية، إذ قامت الحكومة بتأهيل ذلك القطاع؛ من أجل خصخصته وإسناد إدارته للقطاع الخاص. البداية كانت صعبة، والعصي التي عرقلة حركة دواليب المشروع كانت كبيرة وصلبة. ولكن إرادة الحكومة ورشدها كانا أكبر من العقبات. لم تتوقف الاعتصامات والإضرابات في أوساط العاملين في شركة الخطوط الجوية البريطانية أو القطارات التي تجوب التراب البريطاني للمطالبة بإقرار مزايا أكبر للعاملين ونيل مقدار أكبر من الحقوق، ولكن المقارنة الإجمالية بين السيناريو الجديد (الخصخصة) والسيناريو القديم (الإدارة الحكومية) تظهر مقدارا مبهرا من النجاح.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية