+A
A-

الثقافة والسياحة – أبوظبي تعرض الأجندة الثقافية للإمارة

عرضت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، الاستراتيجية الثقافية الخمسية لإمارة أبوظبي، على مجموعة من المسؤولين والإعلاميين، والمتخصصين، والذين زاروا معرض أجندة أبوظبي الثقافية في منارة السعديات.

تعمل الاستراتيجية الثقافية، التي تمتد لخمس سنوات، على دعم الركائز الأساسية والبنية التحتية للقطاع الثقافي في الإمارة، وقد حددت الإستراتيجية خمسة أهداف رئيسية تتمثل في؛ حماية تراث أبوظبي الثقافي واستدامته، وتعزيز الوعي بالتراث الثقافي والفنون وزيادة مشاركة المجتمع المحلي والزوار في أنشطتها، وتحفيز الإبداع باعتباره محركاً للتعليم والتغيير الاجتماعي، وبناء وتمكين الكوادر البشرية الوطنية في قطاع الثقافة في أبوظبي، وأخيراً، المساهمة في النمو والتنويع الاقتصادي.

وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: "نفخر بالتقدم الذي أحرزناه لتطوير وإثراء المشهد الثقافي في الإمارة. من خلال معرض أجندة أبوظبي الثقافية نعرض المشاريع الكبرى التي أنجزناها والاحصائيات المرتبطة بها، لتظهر المنجزات التي حققناها في فترة زمنية قصيرة نسبياً، ولا يزال أمامنا العديد من المشاريع التي نضع عليها حالياً اللمسات الأخيرة، وأهمها "متحف زايد الوطني"، المتحف الوطني لدولة الإمارات، والذي سيكون أبرز صروح المنطقة الثقافية في السعديات، القلب الثقافي النابض في العاصمة. سيعمل المتحف الجديد بصورة متناغمة ومتكاملة مع "متحف اللوفر أبوظبي" لإلقاء الضوء على تراثنا الغني وتاريخنا العريق والصلات التي تربطنا بالعالم على مر العصور، بما يعزز من مكانة بلادنا المتقدمة على صعيد التبادل الثقافي العالمي".

من جهته قال سعادة سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: "تتوافق استراتيجية أبوظبي الثقافية مع خطة التنويع الاقتصادي في الإمارة. وبالتزامن مع النمو المستمر للمشهد الثقافي في أبوظبي، بما يعزز مكانتها كمركز املين للفنون والثقافات، لاسيما أن هناك صناعات جديدة تترسخ، والمزيد من الزوار يتوافدون على الإمارة، مما يدعم قطاع السياحة المزدهر. نتطلع في المرحلة القادمة إلى العديد من التطورات الحاسمة والمهمة في السنوات المقبلة، والتي سنواصل خلالها جهودنا في رصد وقياس التأثير الاجتماعي والاقتصادي لسياساتنا ومبادراتنا الثقافية".

حققت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في السنوات الماضية العديد من المنجزات والمشاريع الطموحة والتي ساهمت في اثراء المشهد الثقافي العام، وقد مهدت هذه المنجزات إلى صياغة أهداف الاستراتيجية الثقافية الخمسية الجديدة، حيث تمضي دئرة الثقافة والسياحة - أبوظبي قدماً بخطوات سريعة نحو إنجازها بالكامل في المستقبل القريب. واستمع الزوار إلى شرح وافي عن المنجزات التي تم تحقيقها والمستهدفات الجديدة التي سيتم تحقيقها في السنوات الخمسة القادمة.

الحفاظ على التراث الثقافي واستدامته

بذلت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي جهوداً حثيثة للحفاظ على التراث الثقافي في إمارة أبوظبي واستدامته، وذلك عن طريق مبادراتها في صون التراث المعنوي والبيئة التاريخية في الإمارة، والتي أكّدت ريادة أبوظبي العالمية في هذا المجال بالتوازي مع تطوير المزيد من المشاريع الثقافية الحديثة المعتمدة على التقنيات الرقمية. ويأتي على رأس أهم الإنجازات في حماية التراث المعنوي، نجاح الدائرة بالشراكة مع المؤسسات المعنية بالتراث والجمعيات والمتخصصين، في تسجيل ثمانية عناصر من التراث الوطني على القائمة التمثيلية لليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية، وهي الصقارة والسدو والعيالة والتغرودة والقهوة والمجلس والعازي والرزفة. وتواصل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي الحفاظ على التزاماتها بهذا الشأن بالشراكة مع المجتمع لتعزيز الوعي بهذه العناصر وابقائها حية، وفي نفس الوقت العمل على تسجيل عناصر أخرى في المنظمة الدولية.

وفي السياق ذاته، قطعت دائرة الثقافة والسياحة –أبوظبي  خطوات متقدمة لتوثيق التاريخ الشفهي، مدعومة بالنجاح المستمر للمؤتمر الخليجي السنوي للتراث والتاريخ الشفهي. إلى جانب مشاركة دائرة الثقافة والسياحة في الفعاليات والمهرجانات التراثية المحلية والإقليمية والعالمية، تساهم الدائرة في المشاريع والمبادرات التي تقدمها المؤسسات الأخرى مثل مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان، ومبادرة "لئلا ننسى".  ولدعم الحرفيين وتعريف الجمهور بالمهارات الحرفية التقليدية ومنتجاتها، تنظم دائرة السياحة والثقافة – أبوظبي  سنوياً مهرجان الحرف والصناعات التقليدية في العين. وشهدت السنوات الأخيرة أيضاً إنشاء "بيت القهوة" و"بيت الحرفيين" للحفاظ على تقاليد إعداد وتقديم القهوة العربية والحرف الإماراتية، وتتضمن الخطط المستقبلية اقامة مهرجان للتراث البحري عام 2020، وبيت للتراث لعرض فنون الأداء التقليدية.

تتمثل أحد منجزات دائرة الثقافة والسياحة للحفاظ على البيئة التاريخية للإمارة، نجاحها في إدراج العديد من مواقع العين التاريخية على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، مثل جبل حفيت وهيلي وبدع بنت سعود والعديد من الواحات، حيث تم تطوير واحة العين لاستقبال الجمهور والتعرف على مميزاتها. كما تتواصل أعمال الحفريات والتنقيب والتوثيق وحماية المواقع الأثرية الهامة في أبوظبي، بما في ذلك جزيرة مروّح التي تضم أقدم قرية معروفة استوطنها الإنسان في إمارة أبوظبي قبل حوالي 8,000 عام، وجزيرة صير بني ياس التي اكتشف فيها كنيسة ودير صير بني ياس، أول موقع مسيحي في الدولة، ومواقع بينونة الاحفورية.

وتعمل الدائرة كذلك على صون المباني التاريخية والمعالم الطبيعية التي تعود إلى عصر ما قبل اكتشاف النفط، وتطوير وترميم المعالم والمنشآت المهمة واعادة استخدامها كمراكز ثقافية ومجتمعية، مثل موقع الحصن الثقافي، وقلعة الجاهلي في العين التي تعد من أكبر القلاع الدفاعية في الدولة وتضم معرضاً للرحالة مبارك بن لندن، ومركز القطارة للفنون الذي تم تصميمه على الطراز المحلي وسط مباني قديمة، وقصر المويجعي المشيد قرب الواحات في العين منذ أكثر من 100 عام. وتعتمد دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي أيضاً خطة اليونسكو لإدارة مواقع التراث العالمي بالتنسيق مع الدوائر والجهات الحكومية المحلية والهيئات العالمية ذات الصلة، وتطبق خطة إدارة الحفظ الشامل للمواقع الأثرية والمعالم الثقافية الأخرى.

بالإضافة إلى الحفاظ على التراث القديم، تواصل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي مبادراتها الرائدة لاستدامة وتعزيز التراث المعاصر في الإمارة، والذي يحتفي بالإنجازات المعاصرة بما في ذلك المواقع والمباني ذات الأهمية الثقافية. تهدف هذه المبادرات إلى جرد وتقييم أهمية وحالة تراث ما بعد اكتشاف النفط، ووضع التوصيات والارشادات والأنظمة والحوافز المالية وغير المادية للاحتفاء بالتاريخ الحضري الحديث وحمايته والحفاظ عليه.

وقد استحوذ الافتتاح التاريخي لـ"متحف اللوفر أبوظبي" عام 2017 على اهتمام عالمي واسع، حيث رحب في عامه الأول بما يزيد عن مليون زائر. بينما يتضمن موقع الحصن في وسط مدينة أبوظبي العديد من المعالم التي رسمت ملامح بزوغ وجهة ثقافية جديدة نابضة بالحياة في قلب العاصمة. وخضع قصر الحصن التاريخي لعملية ترميم وتجديد شاملة وفق أعلى المعايير والممارسات العالمية، ويتوقع أن يستقطب قرابة 200,000 زائر بنهاية عام 2019. بدوره، شهد المجمّع الثقافي، الذي يعد أول مركز ثقافي حديث في الإمارات، عملية تجديد وإعادة تأهيل مرافقه لاستخدامها في جميع أشكال الفنون الإبداعية المعاصرة. ويحتضن المجمّع الثقافي أيضاً مكتبة أبوظبي للأطفال الجديدة، التي تجتذب حالياً أكثر من 5,000 زائر أسبوعياً.

ووضعت مبادرات دائرة الثقافة والسياحة العاصمة الإماراتية محط أنظار العالم، ومن بينها "فن أبوظبي"، الذي يجتذب أكثر من 75,000 مشارك لحضور فعاليات برنامجه المفتوح المستمر على مدار العام. ويستقطب معرض "فن أبوظبي" أكثر من 12,000 زائر سنوياً، وتتجاوز قيمة الأعمال الفنية المباعة خلاله 18 مليون درهم. وتنظم الدائرة سنوياً "قمة أبوظبي الثقافية" التي استقطبت دورتها الثالثة 488 من رواد الحركة الثقافية من جميع أنحاء العالم، وذلك بالشراكة مع مؤسسات عالمية مرموقة في عالم الثقافة، حيث نجحت في مناقشة القضايا الملحة عالميا والتحديات أمام تطوير العمل الثقافي، واقتراح حلول عملية لها.

وتتضمن قائمة المشاريع الجاري تطويرها في المنطقة الثقافية في السعديات كل من متحف زايد الوطني و جوجنهايم أبوظبي. وسيتم قريباً تعزيز المشهد الثقافي في العين بإضافة المزيد من المعالم الفريدة، بما في ذلك متحف العين بعد تجديده، ومنتزه جبل حفيت الصحراوي، وبيت محمد بن خليفة، وقلعة المربعة.

تعزيز الوعي بالتراث الثقافي والفنون

تنص الاستراتيجية الثقافية أيضاً على تعزيز الوعي بالتراث الثقافي والفنون، وزيادة مشاركة المجتمع المحلي والزوار في أنشطتها، وتحفيز الإبداع كمحرك للتعليم والتغيير الاجتماعي. وتعمل دائرة الثقافة والسياحة على توظيف الفنون والثقافة والتراث لبناء قنوات من التواصل مع الأجيال الشابة وجميع شرائح المجتمع وإشراكها في هذا الزخم الثقافي إلى جانب وضع سياسات لدعم وتطوير القطاع الثقافي.

تنظم دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي مجموعة كبيرة ومتنوعة من البرامج والمبادرات السنوية في المواقع الثقافية في جميع أنحاء الإمارة والتي تغطي جميع أشكال التعبير الإبداعي، بما في ذلك فنون الأداء، مثل الحفلات الموسيقية والغنائية والبالية والأوبرا في موسم موسيقى أبوظبي الكلاسيكية وبيت العود وبرنامج أمسيات، إلى جانب العروض المسرحية، والفنون البصرية؛ إذ تنظم الدائرة فعاليات فنية طوال العام في مختلف المنشآت الثقافية التي تشرف عليها في مختلف أنحاء الإمارة؛ مثل منارة السعديات والمجمّع الثقافي ومركز القطارة للفنون، ومجموعة المباني التاريخية في العين، كما تنظم الدائرة أيضاً مجموعة من المهرجانات والفعاليات السنوية من مؤتمرات ومعارض مثل مهرجان الحصن وفن أبوظبي واليوم المفتوح للآثار.

وفي خطتها الخمسية، ستقدم دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي المزيد من المبادرات المتخصصة مثل المؤتمرات والمهرجانات والمعارض التفاعلية والتي تساهم في استكشاف القضايا والموضوعات المتعلقة بالمشهد الثقافي، سواء للاحتفاء بمكوناتها أو لتقديم حلول عملية لها.

المشاركة المجتمعية وتحفيز الابداع

تبدي دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي اهتماماً خاصاً بمبادرات التعليم الثقافي الموجهة للشباب مثل برنامج تنمية المواهب، بالتعاون مع دائرة التعليم والمعرفة، الذي يقوم باكتشاف الطلاب الموهوبين ورعاية تطورهم الفني. وتنهض بدور رائد في دفع عجلة الحركة الفكرية والثقافية عبر دعم الأبحاث ونشر الدراسات الأكاديمية والعلمية وتنظيم المعارض وإصدار المطبوعات والمنشورات والسلاسل الأدبية، وكذلك الموارد التعليمية والمواد التوضيحية ومشاريع الترجمة.

وتبنت دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي سياسات واستراتيجيات جديدة لبناء موارد وأصول القطاع الثقافي وتنميته، تماشياً مع قانون التراث الثقافي في أبوظبي. وأثمرت هذه السياسات عن الكثير من النتائج الإيجابية في مجال الأبحاث والشراكات الاستراتيجية، والكتب والإصدارات، وتطوير مجموعات مقتنيات اللوفر أبوظبي ومتحف زايد الوطني و جوجنهايم أبوظبي، واعتماد المبادئ التوجيهية لتطوير مواقع التراث العالمي لليونسكو وسياسة تسجيل وحفظ التراث الحديث.

بناء القدرات

ومع وجود هذه الأسس القوية، تركز دائرة الثقافة والسياحة على تطوير قطاع ثقافي مستدام يدعم بناء القدرات الوطنية ويوفر المزيد من فرص العمل، وبالتالي المساهمة في النمو الاقتصادي وخطة التنويع. وبناءً على هذه الإنجازات، تتطلع الدائرة قدماً إلى تعزيز الحركة الثقافية، ورصد أثرها الاجتماعي والاقتصادي، وتوسيع نطاق سلسلة العمليات الثقافية لتشمل التوزيع وتحقيق دخل اقتصادي، وخلق الوظائف، والمؤسسات الشريكة.

وتنتشر برامج ومرافق التعليم والتواصل في الإمارة، في حين تشمل مبادرات بناء القدرات في قطاع الثقافة برنامج إحصاء أبوظبي، وشراكات الأبحاث الاستراتيجية مع الأكاديميات والجامعات، وإنشاء برنامج للمنح الثقافية، ووضع سياسات حكومية مشتركة للتطوير الاجتماعي والاقتصادي.

ويضمن الاستمرار في التنفيذ الناجح لاستراتيجية القطاع الثقافي ترسيخ موقع أبوظبي عاصمة عالمية للثقافة، بالتوازي مع جعل الثقافة محركاً رئيسياً للتطور الاجتماعي والاقتصادي. وتعمل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي على رصد وتسجيل وتحليل مساهمات الصناعات الإبداعية في إجمالي الناتج المحلي والتوظيف بالإضافة إلى تحديد تأثيرها الاجتماعي.

الدبلوماسية الثقافية

اتاحت العديد من مشاريع أبوظبي لعب دور أكبر في تشكيل المشهد الثقافي على الصعيد الدولي، وذلك انطلاقاً من أهمية الدبلوماسية الثقافية في خلق تأثير ايجابي بعيد المدى على مختلف الأطراف، مع القدرة على بناء روابط عميقة بين الأمم والثقافات؛ مثل الاتفاقية التاريخية مع الحكومة الفرنسية التي أسفرت عن انشاء "متحف اللوفر أبوظبي"، واستضافة مؤتمر "الحفاظ على التراث الثقافي المهدد بالخطر" والذي أدى إلى تشكيل التحالف الدولي لحماية التراث "ألف"، إلى جانب "القمة الثقافية" التي تنظمها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي سنوياً بالشراكة مع خمس شركاء ثقافيين يمثلون القطاعات المؤثرة في مجالات الفنون والإعلام والتراث والمتاحف والتكنولوجيا. تجمع النسخة الرابعة من "القمة الثقافية" العام القادم قادة الثقافة والعقول المبدعة من أرجاء المعمورة، لمناقشة السبل التي يمكن للثقافة أن تلعب من خلالها دوراً محورياً لزيادة الوعي بالقضايا العالمية وبناء جسور ثقافية تشجع على التغير الإيجابي.

متحف زايد الوطني

تتواصل أعمال تطوير متحف زايد الوطني، المتحف الوطني لدولة الإمارات، حيث يروي سيرة ومسيرة الوالد المؤسس، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مسلطاً الضوء على تاريخ الإمارات والمنطقة وعلاقاتها الثقافية مع البلدان في جميع أنحاء العالم. يجسد المتحف رؤية وقيم الشيخ زايد، ويعرض تاريخ أرض الإمارات العريق منذ أقدم المستوطنات البشرية وقصة قيام الاتحاد، بالاعتماد على الدلائل المكتشفة في مجموعة واسعة من المواقع الاثرية القديمة، فضلاً عن الوثائق التاريخية الأصيلة التي ترسم صورة جديدة لماضي المنطقة وعلاقتها بالحضارات العالمية.

يتمتع متحف زايد الوطني بأهمية خاصة عند شعب الإمارات والمنطقة، وسيكون له صدى عالمي كبير، إذ تعرض مجموعته الدائمة أفضل المقتنيات الوطنية إلى جانب القطع المعارة من المتاحف العالمية الرائدة، بينما سيساهم برنامج المعارض الخاصة في جعل المتحف جزءً حيويًا من المشهد الثقافي الوطني والإقليمي والدولي، ولا يمكن تفويت مشاهدة مجموعاته.

يعد متحف زايد الوطني تكريماً لشخص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والقيم التي عمل على ترسيخها في حياته، والتي تشمل إيمانه بالتعليم واهتمامه بالحفاظ على البيئة وتوثيق التاريخ والتراث ودعم الثقافة، وكل ذلك مدفوع بالعمل الإنساني والخيري.

وضع اللورد نورمان فوستر، الحائز على جائزة بريتزكر العالمية للهندسة المعمارية وأحد أكثر المعماريين غزارة في المشاريع في جيله، تصميم المتحف بعد أن فازت شركته "فوستر + بارتنرز"، بالمناقصة العالمية للمشروع. واستلهم فوستر تصميم الأبراج المميزة للمتحف على شكل أجنحة الصقر، من شغف الشيخ زايد بالصقور والتقاليد العريقة للصقارة في الخليج. واعتمد في نحت هذه الأجنحة على مبادئ الديناميكا الهوائية لتكون بمثابة أبراج تهوية تخفف من حرارة الشمس "براجيل" - في إشارة معاصرة إلى تقاليد الهندسة المعمارية في المنطقة - ويتراوح ارتفاع الأبراج بين 83 و123 متراً.

توفر الردهة الرئيسية من متحف زايد الوطني مساحة ترحيبية بالجميع، حيث يعد المتحف مؤسسة وطنية وثقافية ومكاناً للتعلم، يمثل المعرضان في الطابق الأرضي قلب المتحف؛ حيث يتم سرد السيرة الاستثنائية للشيخ زايد وقصة إنشاء دولة الإمارات العربية المتحدة في المعرض الرئيسي، بينما يكشف معرض المناظر الطبيعية والحياة التحول في المناظر الطبيعية وكيفية تشكل الموارد الطبيعية الغنية.

في الطابق الأول من المتحف، تتخذ أربعة معارض شكل الربوة المعلقة، وهي تأخذ الزائر في رحلة عبر تاريخ البلاد، منذ وصول أول الهجرات البشرية وظهور الواحات وصولاً إلى الثقافة المعاصرة النابضة بالتنوع.

تم تعليق هذه المعارض الأربعة فوق الردهة المركزية العلوية لتشكل قاعدة لكل جناح. يمكن للزوار الصعود إلى التلة الخارجية التي يبلغ ارتفاعها 30 مترًا، والمستوحاة من تضاريس الإمارات، والمشي بين قواعد الأجنحة للحصول على منظر فريد لمنطقة السعديات الثقافية. تربط حديقة ذات مناظر طبيعية تمتد لمسافة 400 متر بالسرد المتحفي، إذ تستكشف المحطات الرئيسية في حياة الشيخ زايد ، وفي نفس الوقت تربط بين المتحف والبحر ومواقع المنطقة الثقافية الأخرى.

يقدم متحف زايد الوطني تجربة فريدة من نوعها تحفز على التفكير والحوار الديناميكي والتفاعلي مع الغوص في تفاصيل حياة وسيرة ورؤى وقيم الوالد المؤسس وتاريخ المنطقة. وتم تطوير أسلوب عرض مجموعات المتحف لتقديم تجربة تثقيفية متكاملة للزوار من جميع الأعمار والمستويات التعليمية، مع مراعاة احتياجات أصحاب الهمم. وتشمل الرؤية السردية للمتحف وسائط غير تقليدية، بما في ذلك شاشات اللمس التفاعلية والرسوم التوضيحية والمواد السمعية والأفلام مع ميزات التفاعل الرقمي.

سينظم "متحف زايد الوطني" برنامجاً تعليمياً يجري تطويره حالياً ليتماشى مع المناهج الدراسية المعتمدة في دولة الإمارات.

وخلال الفترة من عام 2009 إلى 2017، تعاونت دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي مع المتحف الوطني البريطاني على تطوير متحف زايد الوطني. وركز هذا التعاون على تطوير جوانب مختلفة من المتحف بما في ذلك الرؤية السردية، واستراتيجية جمع المقتنيات والمجموعات، والموارد التدريبية. وعقب استكمال جميع مراحل الاتفاقية المشتركة، يتم حالياً تنفيذ مراحل التطوير التالية عن طريق متحف زايد الوطني من الخبراء والمتخصصين.