+A
A-

هل تنفرج أزمة "سد النهضة" في قمة سوتشي؟

مازالت أزمة تعثر مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا تتداعى، وكل يوم تخرج تصريحات مصرية متضمنة حلولاً ومقترحات، تقابلها تصريحات إثيوبية رافضة لها.

وفي مؤتمر المياه الذي ينعقد حالياً في القاهرة ويشارك فيه وزراء المياه ببعض الدول العربية والإفريقية طرحت مصر على لسان رئس وزرائها الدكتور مصطفى مدبولي ووزير الموارد المائية محمد عبد العاطي مقترحاً جديداً باللجوء لوسيط دولي يحل الأزمة، وفقا لبنود اتفاق إعلان المبادئ الموقع في العاصمة السودانية الخرطوم في مارس من العام 2015 وهو ما ترفضه إثيوبيا أيضا.

قصة سد النهضة بدأت منذ الخمسينيات حين طرح مكتب الاستصلاح الأميركي فكرة إنشاء سد النهضة في الفترة من العام 1956 إلى 1964، لتخزين المياه في إثيوبيا وليس في مصر، لكن مصر رفضت هذا المقترح وأصرت على بناء السد العالي لتخزين المياه لديها.

ظلت الفكرة تراود إثيوبيا طيلة تلك السنوات، وكان يقابلها رفض مصري حتى بدأت إثيوبيا تعيد التفكير جديا في بناء السد في العام 2009، وفي مايو 2011 أعلنت أنها سوف تتقاسم مخططات السد مع مصر حتى يمكن معرفة مدى تأثير السد على المصب لكنها لم تقدم أية وثائق فنية عن السد ومدى خطورته على دولة المصب ودول الحوض ثم شرعت في بنائه.

قبل أيام نظم المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية في مصر مؤتمرا موسعا، شارك فيه خبراء بارزون في ملفات المياه إضافة لوزير ري سابق وتمت مناقشة أبعاد الأزمة وتداعياتها، والتفاعلات المصرية على مختلف المسارات، والبدائل المتاحة، ومسار سد النهضة منذ بدايته والعوائق التي تعترض بناءه وسبب تغيير اسمه.

ويقول خالد عكاشة مدير المركز لـ" العربية.نت" إن المشاركين في المؤتمر كشفوا أن سد النهضة كان يطلق عليه في البداية اسم سد إكس ثم تغير إلى سد الألفية، وأخيرا تم تغيير الاسم لسد النهضة، مؤكداً أن السد يتكون من سدين يبلغ عرض الأول 1.5 كيلو متر وارتفاعه 145 متراً ويبلغ عرض السد الثاني وهو ركامي 5 كيلومترات وارتفاعه 50 متراً.

وفقا للمعلومات التي كشفها المشاركون من الخبراء في المؤتمر فإن السد يعتبر من أكبر السدود الكهرومائية في إفريقيا بتكلفة بلغت 4.7 مليار دولار، ويقع على الحدود الإثيوبية السودانية من 20 إلى 40 كيلومترا، وتحديدا في منطقة بنى شنقول وقام بتحديد هذا الموقع مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح خلال الفترة من العام 1956 إلى العام 1964 دون الرجوع إلى مصر حسب اتفاقية 1929.

المنطقة التي يقع فيها السد تغلب عليها الصخور المتحولة لحقبة ما قبل الكمبري، والتي تشبه في تكوينها جبال البحر الأحمر الغنية ببعض المعادن والعناصر المهمة، مثل الذهب والبلاتين والحديد والنحاس، بالإضافة إلى محاجر الرخام.

منابع نهر النيل

ويكشف الخبراء بالمركز المصري أن هناك بعض العوامل الجيولوجية والجغرافية التي كثيرا ما تتسبب في فشل كثير من المشروعات المائية في دول منابع نهر النيل بصفة عامة وإثيوبيا بصفة خاصة، من بينها صعوبة التضاريس، حيث الجبال المرتفعة والأودية الضيقة والعميقة، وما يتبعها من صعوبة نقل المياه من مكان إلى آخر في حالة تخزينها وانتشار الصخور البركانية البازلتية، خاصة في إثيوبيا، وهي صخور سهلة التعرية بواسطة الأمطار الغزيرة، وأيضا ضعيفة هندسيا ولا تتحمل إقامة سدود عمالقة.

من جانبها لم تفقد مصر الأمل في حل الأزمة وخرجت تصريحات من الرئيس عبد الفتاح السيسي تأمل في التوصل لحل يحفظ حقوق مصر المائية، حيث قال في لقائه بوزراء المياه المشاركين أمس في مؤتمر المياه بالقاهرة إن مصر تبذل مساعي حثيثة ومتوازنة للخروج من التعثر الذي تمر به مسارات التفاوض حول سد النهضة.

وأعرب السيسي عن تطلعه للتوصل إلى اتفاق يحقق المصالح المشتركة لكلٍ من مصر والسودان وإثيوبيا، مؤكداً في ذات الوقت ضرورة العمل على أن تكون الأنهار العابرة للحدود مصدراً للتآخي والتنمية وليس الصراع والخلافات، وهو الأمر الذي يستدعي مراعاة كافة الشواغل وتكاتف العمل الجماعي بعيداً عن الأفعال أحادية الجانب.

في إطار متصل ألمح سامح شكري وزير الخارجية المصري وقبيل انعقاد القمة الروسية الإفريقية في سوتشي التي تنعقد غدا الأربعاء وبعد غد الخميس إلى أن روسيا يمكنها أن تساعد في حل النزاع بين إثيوبيا والسودان ومصر بشأن سد النهضة الإثيوبي.

وأشار في تصريحات لوكالة "ريا نوفوستي" الروسية حول أزمة سد النهضة، إلى أنه في هذه الحالة سيتم الحديث عن مصير 245 مليون شخص وهم عدد سكان الدول الثلاث، مؤكداً أن روسيا دولة كبيرة وقوية تدافع دائما عن احترام مبادئ القانون الدولي، ولها علاقات جيدة مع كل من مصر والسودان وإثيوبيا، ويمكنها أن تساعد في ضمان التزام جميع الأطراف بهذه المبادئ والقواعد.

وتستضيف مدينة سوتشي غدا وبعد غد القمة الروسية الإفريقية والتي يشارك فيها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من الرؤساء والزعماء الأفارقة.

وأوضح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، أن القمة الإفريقية الروسية، التي تعد الأولى من نوعها، ستتضمن جلستين عامتين، وسيصدر عنها إعلان ختامي، يهدف إلى دعم وتعميق العلاقات المتميزة والتاريخية بين القارة الإفريقية وروسيا، بالإضافة إلى تعزيز التشاور بين الجانبين حول كيفية التصدي للتحديات المشتركة.