+A
A-

السعودية أمام تحديات النفط الصخري الأميركي وزيادة الإنتاج والحرب التجارية

مع هبوط أسعار النفط إلى مستويات الـ60 دولارا، وارتفاع مستويات إنتاج النفط الصخري تواجه الدول المنتجة للنفط عددا من التحديات.

التحديات الصعبة تشمل أيضا تحسن ورخص تكلفة تقنية إنتاج الزيت الصخري الأميركي، وخطر انكماش الاقتصاد العالمي بسبب الحرب التجارية الأميركية الصينية، وكذلك نتيجة تزايد قدرات دول أوبك على رفع إنتاجها.

هذه التحديات تطرقت لها آمي جافي في مقال نشرته على موقع مجلس العلاقات الخارجية الأميركية، حيث كتبت عن "الرؤية السعودية بشأن النفط ودورة أسعار النفط"، إذ ترى أن كل هذه العوامل تتحدى السعودية المنتج الأكبر في أوبك.

تقول جافي إن القيادة السعودية اعتمدت استراتيجية التكامل عبر مجمل مراحل سلسلة القيمة البترولية، والذي يمكن أن يعزز الأرباح بعيدة المدى لأرامكو، حيث ركزت المملكة جهودها على الحد من تقلبات سوق النفط بعقود لا تتأثر بالتغيرات الاستراتيجية والاستثمارات وتوسيع أعمالها التجارية العالمية. ومن شأن هذه الخطوات التي تبنتها القيادة السعودية، التي تشمل زيادة الاستثمارات في مجالات التكرير والبتروكيماويات وكذلك الغاز الطبيعي العالمي، أن تساعد المملكة في التغلب على التغيرات الكبيرة القادمة في أسواق الطاقة العالمية.

عملية تكامل

وتشير الدراسات إلى أن التكامل عبر مجمل مراحل سلسلة القيمة البترولية يمكن أن يعزز الأرباح بعيدة المدى للشركات الكبيرة، مثل شركة أرامكو السعودية.

وقد ركزت السعودية جهودها على الحد من تقلبات دورة أسعار النفط من خلال قيادتها لجهود إبرام اتفاقيات خفض الإنتاج بين منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) والدول الرئيسية الأخرى المنتجة للنفط مثل روسيا (أوبك+).

وفي تصريح له على هامش مؤتمر الطاقة، قال وزير النفط السعودي الجديد، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، الذي شملت خدمته الطويلة في أعلى مراتب قطاع الطاقة السعودي على العديد من دورات انتعاش وركود أسعار النفط، للصحافيين، "إن تحالف "أوبك+" سيظل قائمًا على المدى الطويل".

ورغم أن السعودية تهيئ نفسها للمستقبل، فإن التحديات الحالية التي تواجه السوق – أمام الحاجة إلى إبقاء أسعار النفط مرتفعة – تمثل مسألة شائكة.

الحرب التجارية

لقد أثار استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مخاوف من ركود اقتصادي في آسيا، التي تعد سوقًا رئيسًا متناميًا يزداد فيه الطلب على النفط. وتجدر الإشارة إلى أن الأزمة الاقتصادية الآسيوية في عام 1998 أدت إلى فترة انخفضت فيها أسعار النفط.

وتعد احتمالات وصول المزيد من النفط الإيراني إلى الأسواق ضربة أخرى لأسعار النفط.

جدير بالذكر أن تدهور العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين يزيل الحوافز التي تدفع الصين للالتزام بالعقوبات الأميركية ضد صادرات النفط الإيرانية.

كما أن الجهود الفرنسية للحفاظ على سريان الاتفاق النووي مع إيران تعد عاملاً داعماً لصادرات النفط الإيرانية. فضلاً عن ذلك، بلغ تحسن الإنتاج في العراق إلى مستويات قياسية، ولاتزال الإمارات تمضي قدمًا في خططها لزيادة طاقتها الإنتاجية من النفط إلى 4 ملايين برميل يوميًا بحلول نهاية عام 2020، وتعد قدرة أوبك المحدودة لإنتاج النفط الاحتياطي أحد العوامل التي تدعم أسعار النفط.

لقد ارتفع سعر النفط في وقت سابق من هذا الصيف في خضم الهجمات الإيرانية على منشآت الشحن والنفط في مضيق هرمز وما حوله، ولكن المخاوف في نهاية المطاف بشأن ضعف محتمل في الطلب على النفط تُعزى كمتغير رئيسي يعمل على الحفاظ على مستويات أسعار النفط.

تكيف الأسواق

كما لا تزال الأسواق تتكيف مع الدور الذي يلعبه النفط الصخري الأميركي في احتمالية خفض دورة أسعار النفط. وعلى الرغم من انخفاض رأس المال الإجمالي لصناعة الصخر الزيتي الأميركي في عام 2018 في سوق الأسهم الأميركية، الأمر الذي دفع البعض إلى توقع تباطؤ نمو إنتاج النفط الخام الأميركي، إلا أنه من المرجح أن يؤدي خفض التكاليف والأتمتة إلى قلب الموازين لصالح العديد من الشركات.

وذكرت شركة "ريستاد إنرجي" أن أكبر 40 شركة أميركية متخصصة في الصخر الزيتي حققت تدفقا نقديا إيجابيا في الربع الثاني من عام 2019، مشيرة إلى أن المعضلة التي تواجهها منظمة أوبك تتمثل في محاولة دعم أسعار النفط.

كما تؤثر الممارسات التحوطية في صناعة الصخر الزيتي على دورة النفط. ومع ارتفاع الأسعار، اتجهت الدول المنتجة للصخر الزيتي نحو تثبيت الأسعار في أسواق العقود الآجلة، الأمر الذي يضيف فعليًا ضغوط بيع مع ارتفاع أسعار أسواق العقود الآجلة.

وفي عرض تقديمي للمستثمرين، على سبيل المثال، كشفت أوكسيدنتال بتروليوم عن أن برنامجها التحوطي يغطي مقدارا كبيرا يتمثل في 300,000 برميل في اليوم من الإنتاج عبر هيكل تحوطي بثلاثة اتجاهات لعام 2020، والذي يتضمن طرحا قصير الأجل قدره 45 دولارا (سعر البيع الأدنى)، وطرح طويل الأجل قدره 55 دولارا (سعر شراء الأدنى) وشراء قصير الأجل (سعر البيع الأعلى) قدره 74.09 دولار، بالإضافة إلى بيع خيارات شراء بأسعار مماثلة في عام 2021.

التعاون الروسي

وقد واصل الإنتاج من خارج بلدان أوبك ارتفاعه هذا الصيف، حيث حققت البرازيل والنرويج مكاسب كبيرة. ومن المقرر أن يحقق إنتاج النفط الأميركي ارتفاعا يصل إلى مليون برميل في اليوم في عام 2020. وقد ارتفع إنتاج النفط الأميركي - بما في ذلك سوائل الغاز الطبيعي - بنحو مليوني برميل في اليوم بين يونيو 2018 ويونيو 2019.

وساعد اتفاق منظمة أوبك لعام 2019 في حل مشكلة التلوث الموجود في خط أنابيب النفط الخام الروسي دروجبا، الأمر الذي تسبب في انخفاض الإنتاج الروسي إلى أدنى مستوياته في ثلاث سنوات، حيث بلغ 10.8 مليون برميل يوميا في يوليو 2019.

ولا نعرف بعد ماذا سيكون موقف روسيا، إذ من المقرر أن تُجدد اتفاقها مع أوبك في أوائل عام 2020، ومن المرجح أن يتعرض وضع إنتاج النفط الأميركي وسلامة الاقتصاد العالمي بشكل عام إلى تغييرات جذرية.

وبدورها، تضع المحادثات التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - مهندس سياسة النفط السعودية - مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماعات قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا في اليابان، الأساس لاتفاقية الإنتاج الحالية لأوبك+.

ولكن الرئيس الروسي أعرب أيضا العام الماضي عن ارتياحه لأسعار النفط الحالية البالغة 60 دولارًا للبرميل، وهو مستوى يتماشى مع الأسعار الحالية.