+A
A-

لماذا كل الأطراف تتسابق نحو الطريق الدولي بين حلب ودمشق؟

تستعد قوات الأسد للسيطرة على ريف حلب الشمالي والغربي في عملية هي الأولى منذ سيطرتها على بلدة خان شيخون أواخر الشهر الماضي، حيث تواصل إرسال حشودها العسكرية منذ أربعة أيام إلى الخطوط الأمامية في تلك المناطق رفقة قواتٍ روسية وميليشياتٍ إيرانية.

وكشف النقيب ناجي مصطفى، الناطق الرسمي باسم "الجبهة الوطنية للتحرير" عن "وجود خروقات على جبهات ريف حلب الغربي والشمالي من قبل قوات الأسد والقوات الروسية المرافقة لها".

وأضاف في اتصالٍ مع "العربية.نت" أن "قوات الأسد تقصف هذه المناطق بشكلٍ متكرر وتستهدف الجبهات وبعض القرى والبلدات المحيطة بها كعندان وكفر حمرة وخان العسل".

عملية مدعومة روسياً وإيرانياً

وتسعى قوات الأسد من خلال هذه العملية المدعومة روسياً وإيرانياً إلى انتزاع مناطق ريف حلب الغربي والّتي تقع معظمها على الطريق الّذي يربط حلب بإدلب من قبضة "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقاً)، بالإضافة لمناطق أخرى تقع على الطريق الّذي يربط مدينة إعزاز بحلب وتسيطر عليه المعارضة المسلّحة. وهو طريق دولي يربط أيضاً مدينة غازي عينتاب التركية بحلب.

وتحاول موسكو "استغلال" محاولة قوات الأسد اقتحام هذه المناطق من خلال الضغط العسكري على أنقرة حول إعادة تموضع قواتها في بلدة مورك الواقعة بريف إدلب بعدما أنشأت فيها نقطة تفتيشٍ عسكرية يوم 25 آب/أغسطس الماضي عقب سيطرة قوات الأسد على بلدة خان شيخون الاستراتيجية.

كذلك تهدف موسكو من خلال هذا الضغط العسكري لإبعاد مقاتلي المعارضة المسلحة من ريف إدلب الجنوبي بالكامل مقابل منع قوات الأسد من اقتحام مناطق ريف حلب الشمالي والغربي وفق مطلبٍ تركي، بحسب ما أفادت لـ "العربية.نت" مصادر عسكريّة من المعارضة.

موسكو تفاوض أنقرة

وأشارت المصادر إلى أن "موسكو تفاوض أنقرة في الوقت الحالي على تسيير دورياتٍ مشتركة على الطريق الدولي الّذي يمرّ من بلدتي مورك وخان شيخون على غرار ما حصل سابقاً في تل رفعت، لذلك سمحت لقوات الأسد بالوصول لخطوط المواجهة مع النصرة والمعارضة في بعض بلدات ريف حلب".

وبحسب المصادر العسكرية، فإن "موسكو وأنقرة قد تعيدان فتح الطريق الدولي بين حلب ودمشق قبل نهاية العام الجاري اذا تكللت هذه المفاوضات بالنجاح".

ويحظى الطريق الدولي الّذي يربط حلب بالعاصمة دمشق بأهميةٍ كبيرة لدى مختلف أطراف النزاع وتسعى جميعها معاً لإعادة فتحه بعد توّقفٍ دام لسنوات.

الأطول في البلاد

ويقول الأكاديمي والباحث في الشؤون الاقتصادية خورشيد عليكا إن "هذا الطريق السريع هو الأطوّل في البلاد ويبلغ طوله نحو 432 كيلومتراً ويعد طريقاً أساسياً للاستيراد والتصدير والّذي يربط أبرز مدن سوريا ببعضها البعض، من حلب العاصمة الاقتصادية شمالاً مروراً بحماة وحمص في الوسط ثم دمشق ودرعا جنوباً وصولاً إلى الحدود السورية ـ الأردنية. لهذه العوامل يكسب الطريق أهمية اقتصادية كبيرة".

ويضيف في مقابلة مع "العربية.نت" أن "إعادة فتح الطريق تعني أيضاً سيطرة قوات الأسد على 5 مدنٍ رئيسية في البلاد وهي حلب، حماة، حمص، دمشق، درعا، وبالتالي ربط الشمال السوري بجنوبه. كما أن هذا الطريق بعد فتحه سيساهم في تنشيط الحركة الاقتصادية الداخلية بين جميع المحافظات السورية لاسيما وأن الثروات الصناعية والمناطق الخصبة والمدن الصناعية تتوزع على جانبي هذا الطريق".

تجارة خارجية وترانزيت

ويشير إلى أن "هذا الطريق الدولي والذي يربط أيضاً مدينة غازي عنتاب التركية بالعاصمة الأردنية، سيكون جاهزاً للتجارة الخارجية والترانزيت عبر سوريا. لذلك يكسب أهمية دولية على صعيد التجارة الخارجية، حيث يُعد امتداداً من أوروبا وصولاً لدول الخليج ومصر".

ويكشف الباحث الاقتصادي عن أن "إعادة فتح الطريق سيقلص أيضاً من المسافة الحالية بين دمشق وحلب نحو 175 كيلومتراً بعد الاستغناء عن طريق أثريا ـ خناصر الصحراوي . وبالتالي ستزيد عمليات التبادل التجاري اليومي بمعدلات أكبر من معدلات الطرق الفرعية بين جميع المدن السورية وكذلك قد يساهم في عملية إعادة الإعمار والاستثمار لأن أمن الطرقات وحيويتها ضروريان للاستقرار السياسي والاقتصادي ولعبور البضائع والمواد الأولية اللازمة لإعادة الإعمار".

ويتابع في هذا الصدد "كذلك حجم التعامل التجاري بين سوريا والأردن سيزيد بعد فتح هذا الطريق مجدداً لاسيما وأن المعبر الحدودي مع الأردن قد فُتح منتصف أكتوبر الماضي. كما أن الصادرات السورية وحركة الترانزيت سيكون بإمكانها الوصول لأسواق الخليج ومصر بكمياتٍ أكبر وتكلفة أقل من كلفة الشحن الجوي والبحري".