+A
A-

وقع بريطاني متخصص: هذه أهمية دول الخليج للأمن البريطاني

كتب مايكل ستيفنز في "كونسيرفاتيف ميدل إيست كاونسيل Conservative Middle East Council"، مدونة مجلس المحافظين للشرق الأوسط، عن أهمية انخراط بريطانيا في الخليج في الوقت الذي يعم الشك حول ارتباطها بالاتحاد الأوروبي.

أصبح دور المملكة المتحدة بخصوص أمن الخليج موضع تركيزٍ في أعقاب خلاف مع إيران، حيث قام الجانبان باحتجاز ناقلات في تصعيدٍ متبادل في يوليو.

وبعد سلسلة من المفاوضات للإفراج عن ناقلة "غريس 1" (التي تم تغيير اسمها ليكون "أدريان داريا 1") من جبل طارق مقابل الإفراج عن ناقلة "ستينا إمبيرو" البريطانية، انتهت القصة الطويلة بمهزلة.

وعلى الرغم من أن الاستيلاء المبدئي على ناقلة النفط الإيرانية كان سببه وجهة الناقلة إلى سوريا، إلا أن ناقلة "أدريان داريا 1" التي أفرج عنها مؤخراً شوهدت آخر مرة تطفو على مقربة من المياه السورية، قبل أن يتم إغلاق جهاز الاستقبال الخاص بها مساء يوم الاثنين. ومن المؤكد أن ناقلة "أدريان داريا 1" تطفو على المياه الإقليمية السورية ويتم تفريغ حمولتها في تحدٍ للمجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، الذي تمت مخالفة عقوباته من قبل الناقلة. وليس من الواضح متى سيتم الإفراج عن "ستينا إمبيرو". إنها نتيجة محرجة لجميع المعنيين، كما أنها تسلط الضوء على الحاجة إلى اتخاذ موقفٍ أكثر حزمًا تجاه إيران وأنشطتها المنتهكة للعقوبات في المستقبل.

وعلى الرغم من أن الإيرانيين سيشعرون بأنهم عززوا من مكانتهم بعد انتهاء خلافهم مع بريطانيا، إلا أن الحقيقة هي أنه (بصرف النظر عن فوزهم دعائيًا) طهران لم تجن أي فائدة استراتيجية لنفسها. ففي الواقع، أصبح موقف إيران الاستراتيجي في الخليج أضعف الآن مما كان عليه عندما احتجزت لأول مرة ناقلة "ستينا إمبيرو". وسبب ذلك بسيط، وهو أن حماية السفن في الخليج أصبحت أولوية قصوى بالنسبة للولايات المتحدة. ومن أجل تجنب أن تبدو ضعيفة، توجب على المملكة المتحدة تكثيف حضورها في المنطقة لحماية الممرات البحرية الدولية.

وتحمي عملية تقودها الولايات المتحدة الآن الأغلبية العظمى من السفن المدنية التي تدخل الخليج، وهي العملية التي تتضمن المملكة المتحدة وأستراليا والبحرين، الأمر الذي نتج عن أكبر حضورٍ بحريٍ عسكريٍ غربيٍ في المنطقة منذ حرب الخليج الثانية. ولكن هذا أدى إلى ازدحام الممر المائي مما شكل صعوبة أكبر في التنقل. وبالإضافة إلى ذلك، انتهز الإيرانيون الفرصة لاختبار مناورات "المضايقة" التكتيكية للسفن الصغيرة التي تبحر بالقرب من السفن الحربية، وتعطيل اتصالاتها عبر نشر الرسائل المزيفة. فيما أفادت سفينة "إتش أم إس مونتروز" البريطانية بأنها الآن تخوض مواجهات يومية مع القوات الإيرانية التي تختبر باستمرار حدود عزم التحالف دون تجاوز الخطوط والوصول إلى مرحلة النزاع المسلح.

ويشكل النشاط البحري الإيراني ردًا على القوة الدولية مصدر إزعاجٍ بلا شك، لكنه يبقى مصدر إزعاجٍ لا أقل ولا أكثر. فإيران أصبحت محاصرة في مياهها الساحلية أكثر من أي وقت مضى، وتقلصت قدرتها على خلق مزيدٍ من الإزعاج بشكل كبير من خلال حجز الناقلات أو تهديد السفن المدنية. ومن خلال احتجاز ناقلة "ستينا إمبيرو"، خلقت إيران بيئة تتطلب مراقبة مكثفة لسلوكها البحري ومستويات واسعة النطاق من الحضور العسكري المتزايد للفترة القادمة.

وعلى الرغم من أن بريطانيا حاولت بشدة أن تشكل قوة دولية لمواجهة إيران، وجلب شركاء أوروبيين إما مترددين أو غير قادرين على دعم مهمةٍ بحرية، إلا أنه من المعروف أن الولايات المتحدة ستكون صاحبة الدور الرئيسي في أي مسعى من هذا القبيل. ولم تكن هذه طريقة تعامل مثالية دبلوماسيًا من لندن، إذ تركت الانطباع بأن بريطانيا اضطرت إلى تشكيل تحالف عسكري مع واشنطن، بدلاً من قيادة حلفائها الأوروبيين من الأمام، لكن حقيقة أن وجود بريطانيا البحري قد انضوى تحت لواء القوات الأميركية هو أمر غير مفاجئ ولا خاطئ استراتيجيًا.

وعلى الرغم من أن الأسئلة حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تنهال على الطبقة السياسية في لندن، يظل هناك الكثير للتفكير بشأنه خارجيًا. إذ التزمت المملكة المتحدة لأكثر من 4 سنوات باستراتيجية بشأن الخليج مبنية على أساس قوي من الاشتراك الدفاعي. وينعكس هذا الاشتراك الدفاعي الآن على المشاركة على الصعيد التنفيذي والقيام بدوريات بحرية في مياه الخليج وزيادة التعاون الدفاعي مع شركاء الخليج العربي عبر الجو والبر والبحر. وتتفق دول مجلس التعاون الخليجي الست على أن السماح لإيران بتعطيل خطوط الشحن الدولية، والتي يتم من خلالها تصدير 30% من نفط العالم، لا يخدم مصالح أي طرف. ولذا، تسنح الفرصة – بشكل أكبر من أي وقت مضى – لبريطانيا بأن تلعب دور بناء شراكة مع كل من الولايات المتحدة ودول الخليج.

ومن المقرر أن يزداد الحضور الاستراتيجي للمملكة المتحدة في الخليج، إذ إن الأسباب السياسية والأمنية والاستراتيجية واضحة، وبريطانيا بحاجة إلى الوقوف بجانب الولايات المتحدة بشكل أكبر بشأن المسائل الأمنية الإقليمية بعد أن انسحبت من الاتحاد الأوروبي. وسبب ذلك هو توضيح أهمية بريطانيا باستمرار بالنسبة لواشنطن، ولأن كلا البلدين لا يزال ينظر إلى نشاط إيران التكتيكي والإقليمي على أنه تهديد لمصالحهما.

لقد كان سلوك طهران الأخير مخادعًا ومزعزعًا للاستقرار، مما يوضح في لندن الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود لمواجهة تصرفات إيران التخريبية. ولا يعد تفوق طهران في الدهاء إنجازًا لبريطانيا في حادثة الناقلة الكارثية، ولكن إحساس بريطانيا بأن كبرياءها قد جُرح لا يجب أن يطغى على التزام لندن بضرورة وجود استراتيجية أوسع. إن المهمة البحرية في الخليج تؤدي وظائفها بشكل فعال، ويجب على المملكة المتحدة أن تفخر بالدور الذي تلعبه الآن والدور الذي ستلعبه في السنوات القادمة لضمان الأمن لمنطقة حيوية للغاية بالنسبة للمصالح العالمية.