العدد 3977
الأربعاء 04 سبتمبر 2019
banner
أين هو جيل الستينات والسبعينات الذي كان يقدس الأدب
الأربعاء 04 سبتمبر 2019

كانت السبعينات فترة سيطرة الرومانسية بكل ما فيها من رقة وعذوبة، ومن كآبة وحب، ووجدان وهيمان وتفجير للأحاسيس الذائبة واللهفات الروحية، هذه كلها كان يصورها شعراء البحرين بعبارات نابعة من أعماق الروح، تتناسب معها رقة ولطفا وموسيقى، وتنسجم مع الأحاسيس الإنسانية في نشوتها وخمولها، في رقتها وعنفها، في حبها وغضبها، في فرحها وحزنها، فكان الشعر حينذاك التعبير الأصدق عن الحياة، كان الإنسان غاية الأدب، لذلك كان الأدب لصيقا بالحياة في كل أبعادها وأعماقها، حتى الأمسيات الشعرية التي كانت تنظمها الأندية والجمعيات الثقافية كانت تغص بالمواطنين الذين يتذوقون الشعر، لا تجد كرسيا خاليا، وكثيرة هي الصور الموجودة في الأرشيف التي تثبت ذلك، أما اليوم فقد اختل الميزان وهوة القطيعة تزداد عمقا واتساعا يوما بعد يوم بين الناس والأدب بعمومه.

كم شخصا يحرص على حضور أمسية شعرية؟ لا أحد باستثناء المتذوق، في حين كان الأمر مختلفا كليا في ذلك العصر الذهبي الجميل، فاليوم وكما هو واضح أخذ الأدب مكانه في آخر الصف في مجتمعنا بعد أن ظل زمنا طويلا سيد الفنون كلها وفي طليعتها، ومن المؤكد أن لرتم الحياة السريع ودخول وسائل التواصل الاجتماعي تأثيرات مرضية وخيمة جعلت الناس يتراجعون عن القراءة وحضور الأمسيات الأدبية، وهذا مؤشر خطير سيترك طابعه الغريب على جيل بأكمله، وبالتالي ستتحول الثقافة والأدب إلى كماليات أو أرملة جميلة تندب حظها.

الحياة الراهنة والمشاهد اليومية تؤكد أن الناس لم تعد تهتم بالأدب والثقافة مثل جيل الستينات والسبعينات، مع أن الأدب عنصر مهم ومحرك عجيب في الفكر الإنساني، ولا أعرف هل أسميها ظاهرة مرضية ناتجة عن تغير طبيعة الحياة وتجدد الحركة، أم ماذا؟

في البحرين تقام أنشطة أدبية وفكرية وأمسيات شعرية منتشرة في طول البلاد وعرضها، لكن أين الجمهور الذي يبهر والجدير بحمل شعلة جيل الستينات والسبعينات.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .