العدد 3975
الإثنين 02 سبتمبر 2019
banner
الوحدة الوطنية
الإثنين 02 سبتمبر 2019

قد يكون الحديث مُعادًا لكنه ضروري، ربما يصبح التكرار محل نظر إذا لم تكن القضية على المحك، لذلك يشدد رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه في كل محفل وكل اجتماع على ضرورة تماسك جبهتنا الداخلية، ودعم أساسيات الوحدة الوطنية، وتوطيد أواصر المحبة والاستقرار بين أبناء الوطن الواحد.

المناسبات الدينية والمناسك العقائدية ربما تكون قد لعبت دورًا في وضع شعبنا على أكثر من منصة اختبار، وربما كانت الممارسات المؤمنة بتماسك أمتنا، وتعاضد لحمتنا، وتكاتف بني جلدتنا ما يجعلنا مؤهلين باستمرار؛ لكي نكون قادرين على العيش مع بعضنا البعض وليس مجرد التعايش والسلام.

التنوع العرقي يثري الأوطان والتعددية الفكرية وتلك المنغمسة في أصول متباينة وعقائد مختلفة هي التي جعلت من فسيفساء الجغرافيا لوحة جميلة يساهم فيها كل نوع بما تيسر من حضارة توارثها أو اكتسبها، وهي النهضة حين تستتر في معطف الخجل المعطاء، وهي سلاسة القول عندما يصبح علم الكلام مدخلًا لعلم الكتابة.

بعيدًا عن أصوليات أرى أنه لابد منها، وعن استكشافات تفرض قوانين اللحظة سلامة مقصدها كل حين، فإن مملكة البحرين التي تربى شعبها ونشأ وترعرع في كنف وطن يحترم الآخر، فكان التعليم صنوانه وصولجانه وعموده الفقري، وكانت التجارة وجهته، والصيرفة مهنته، وريادة الأعمال أمله في جيل جديد يستطيع أن يجري عمليات الإحلال والاستبدال بالسلاسة نفسها التي توارثت فيها الأجيال حضارات الآباء والأجداد، ومهارات الأولين النبغاء.

إن حديث الأب الرئيس لممثلي المآتم الحسينية ينمُّ عن عمق بصيرة، وعن إيمان بأن قوتنا في وحدتنا، وبقاءنا في تماسكنا، ونهضتنا في التفافنا حول كلمة سواء مهما باعدت بيننا الأقدار، والتمسنا لها الأعذار.

لقد نجحت البحرين في إرساء قواعد التعايش الجميل بين إنسان هذه الأرض، وتفوقت على العديد من الأمم التي تتشدق بقوميات زالت، وآثار اندثرت، لكننا وللأسف الشديد لم نصل إلى ما لا يقل أهمية عن وفاء الإنسان لأخيه الإنسان، ألا وهو التعايش السلمي بين المؤسسات الوطنية، حكومية وخاصة، الطرفان شقَّي رحى في منظومة اقتصاد متنوع، والطرفان جانبان مصير في سلسلة تنموية لا يمكن فصلها عن بعضها أو تمييز إحداها عن الآخرى، أو إقصاء طرف منهما والإبقاء على طرف وحيد من دون منازع.

إن الطير لا يستطيع التحليق إلا بجناحين، والتعليم كطير محلق بوعي الأمة لا يمكنه الإقلاع بسلام إلا لو كانت العدالة الفائقة والعناية المركزة موزعة بالتساوي على القطاعين العام والخاص، الدولة هي المسئولة عن القطاعين والحكومة هي المنظمة للوائح والنظم والآليات التي يعمل في ضوئها كل قطاع.

رغم ذلك نرى المخاض، وقد أصبح عسيرًا، حيث البعض يرى أن القطاع الخاص لابد وأن يكون مسئولًا عن نفسه، وأن القطاع العام لابد أن يستمر هكذا مدللًا من الدولة والحكومة؛ لأنه ينتمي إليها وحده.

النظرة الشمولية التي أدت إلى تراجع العديد من اقتصادات المنطقة والعالم هي التي دفعت بتلك الحالة من التردي لاقتصادات واعدة، وإلى تلك الحالة من الإحباط لمؤسسات بذلت الغالي والنفيس في سبيل النهوض بمكنونات أمتها، وهي التي أخرت العديد من القرارات، والعديد من الأحكام والممارسات، فتأخر معها كل شيء وأي شيء.

نحن نؤمن بأن قيادتنا المؤمنة والواعية بالأدوار الطليعية، بل والمصيرية للقطاع الخاص في بلادنا، هي التي أدت إلى قيام قطاع مصرفي لا يشق له غبار، وهي التي وضعت مؤسساتنا التعليمية عبر التاريخ على منصات السبق الملحمي، والتواجد المستنير عندما كانت المنطقة تعاني، بل وبلدان أخرى كثيرة من العالم.

إننا لا نطلب المستحيل عندما نتمنى على الدولة، مساواة مازالت في الإمكان، وعدالة ناجزة بين الطرفين، وسرعة في التلبية لمصلحة جميع الأطراف.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .