العدد 3972
الجمعة 30 أغسطس 2019
banner
معانٍ من الهجرة النبوية
الجمعة 30 أغسطس 2019

نستقبل قريبا جدا العام الهجري 1441هـ الذي يُصادف الأول من محرم الحرام، وُتخلد بدايته هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ومع هذا التقويم الذي أقر في 20 جمادى الآخرة عام 17هـ بدأ توثيق جميع الأحداث التي حصلت تاليًا، وتم اختيار الهجرة النبوية كبداية للعام الهجري لأن هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحدث الأهم الذي ترك بصمات على تاريخنا. إن هجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين إلى المدينة لا تعني أن الهجرة حدث مكاني، ولا ذهاب المهاجرين إليها يعني خوفا من جبروت قريش أو هربًا من العذاب، ولا تُمثل الهجرة ضعفًا، إنما كانت الهجرة عنوان قوتهم وإضافة مُميزة لدينهم وإيمانهم، ومن أجل الحفاظ عليهم لأنهم بذرة تكوين الدين وتعزيز جذوره في أرض المدينة، وعندما وصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون أرض المدينة استقبلهم الأنصار بحبٍ وحفاوةٍ وشوقٍ. واتسمت تلك الهجرة بالكثير من التضحيات والألم، بترك الوطن والأهل وما كان يملكه صلى الله عليه وآله وسلم والمهاجرون، وفي الثقة بالله في أشد المحن بما لاقوه من قومهم من الأذى، فكان رسول الله والمهاجرون يحنون إلى مكة ويشتاقون إلى العودة، لأن حُب الوطن فطرة إنسانية ومن الإيمان، ولما عاد صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمون إلى مكة فاتحين منتصرين لم ينتقم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يثأر من أحد، فعفا عنهم وتسامح معهم، وعاملهم جميعًا مع اختلاف دياناتهم بكل حُب ومودة، فالحُب والتسامح والتعايش مع الآخر من أقوى دعائم بناء الأمة. وفي هذه الذكرى العديد من المعالم، ومن بينها أنها هجرة من الباطل إلى الحق، وأنها عبدت طريق التآلف والتعاضد بين المسلم وأخيه المسلم، وبين المسلم والآخر من الديانات الأخرى، وبذا أصبح الإسلام القدوة الحسنة في الأخلاق والتعامل الحسن مع الآخرين، ففي المدينة تم وضع مداميك الدولة الجديدة، وسنت الكثير من المبادئ السياسية والاجتماعية والاقتصادية والحقوقية للإنسان بما يتوافق مع شريعة الإسلام، وتم ترسيخ دعائم الدولة الإسلامية ووحدت الأمة من غير تفرقة، فاتحدت الصفوف والكلمة وزادت القوة والتماسك.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية