العدد 3937
الجمعة 26 يوليو 2019
banner
دروس في الإدارة
الجمعة 26 يوليو 2019

ھناك أشخاص لا یمكنني إیجاد الوصف الذي یلیق بھم، ھم قلیلون جداً في وقتنا ھذا، الطیب والأخلاق والتواضع وجمیع الصفات الحسنة التي اجتمعت في ھذا الرجل، أتحدث عن الدكتور الشیخ محمد بن خلیفة آل خلیفة، الرئیس التنفیذي لشركة غاز البحرین الوطنیة.

ولیعذرني القارئ العزیز، فأنا من الكتّاب الذین انتقدوا وقدموا الاقتراح تلو الآخر للمسؤولین من أجل مصلحة ھذه الأرض، ومن واجبي التنویه والإشادة بالإیجابیات والأشخاص الإیجابیين في أعمالھم والذین أجد أنھم یستحقون أن یكونوا مضرب المثل والقدوة الحسنة لنا جمیعا، فسعادة الدكتور الشیخ محمد قدم مبادرة جمیلة جداً وغیر متوقعة، فقد أصر أن أقوم بزیارته في مكتبه العامر عندما سمع عن تقاعدي عن عملي، حیث إن علاقتي بھذا الرجل الفاضل تمتد إلى أكثر من ٣٥ عاما، وكنت ألتقي به بحكم عملي في مناسبات عدیدة. له أسلوب جمیل، ویمتلك شخصیة متواضعة وأخلاقا عالیّة، یحظى بموظفین أوفیاء ومخلصین له وللشركة، نجح نجاحاً باھراً في صنع فریق عمل محترف یضرب بھم المثل، وحكى لي أحد المسؤولین لدیه ذات مرة أن سعادته طوال فترة عمله لم یخطئ في حق أي من الموظفین لديه، وھو یحترم الصغیر قبل الكبیر.

وعودة إلى موضوع المقال، فقد كنت في حیرة شدیدة عندما تلقیت، وأنا في الخارج، رسالة نصیة یستفسرون خلالھا عن موعد عودتي لتحدید موعد لمقابلته، حیث لا أخفیكم أنني أمضیت الوقت متسائلاً عما یریده مني سعادته، فإن كان یرید تكریمي، فلیس علیه ذلك إذ إنني شخصیاً لم أقدم أي شيء یُذكر لشركته طوال فترة عملي، بل إن علاقتي بسعادته كانت في واقع الأمر علاقة مھنیة احترافیة قائمة على التعاون المشترك والاحترام والتنسیق مع المسؤولین لدیه إذ كنا نعمل في إطار مظلة الشركات النفطیة التابعة للھیئة الوطنیة للنفط والغاز، وھذا كما یقولون مربط الفرس، وھو ما دفعني كي أكتب عن ھذا الرجل الفذ الذي بادر بتكریمي تكریما ولا أروع رغم مشاغله الكثیرة، إنها مبادرة رائعة وغیر متوقعة. نعم إنھا الإدارة یا سادة، والإدارة فن وذوق، إضافة إلى نیته الطیبة البعیدة كل البُعدعن المجاملة والنفاق، فقد كان تكریمھ لي فقط لأنني، كما یرى سعادته، خدمت لیس شركتي فحسب، بل جمیع شركات القطاع النفطي بشكل عام.

حقاً سأعتبر ھذا التكریم شھادة أعتز بھا من شخص عرفت عنه الخصال الحسنة وكرم الأخلاق، وھي نوعیة من البشر قل وجودھا في ھذا الزمان. أسأل الله أن یوفقه ویسبغ علیه لباس الصحة والسعادة، راجیاً أن یستوعب المعنیون ھذه التجربة باعتبارھا درساً من دروس فن الإدارة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية