+A
A-

لماذا لم ينجح تعويم الجنيه في إنعاش صادرات مصر؟

سلطت دراسة حديثة، أجراها بنك التسويات الدولية، الضوء على أسباب عدم ازدهار الصادرات في الأسواق الناشئة التي خفضت قيمة عملاتها، وهو ما يتناقض مع الاعتقاد السائد بأن ضعف العملات يزيد من تنافسية الصادرات بالأسواق العالمية، مما ينتج عنه ارتفاع حجم الطلبات وتعزيز الناتج الاقتصادي.

وتبدو مصر للوهلة الأولى نموذجاً للاقتصادات الكلاسيكية، إذ قفزت الصادرات بنحو 20% مقارنة بمعدلات ما قبل التعويم. لكن في وقت تسجل الصادرات المصرية أرقاماً قوية، فإن هذا يرجع بشكل رئيسي إلى الزخم الذي يشهده قطاع النفط والغاز. وفي المقابل لم تستفد الصادرات غير النفطية من قرار التعويم إلا بدرجة ضئيلة.

وذكر البنك الدولي في تقريره الذي يحمل عنوان "من التعويم إلى الازدهار: نقل صادرات مصر إلى مستويات جديدة"، أن غالبية الصادرات المصرية غير النفطية عبارة عن منتجات تقليدية أو منخفضة القيمة المضافة.

وتابع أن مصر نجحت في زيادة المنتجات التي تصدرها من حيث العدد، لكن معظمها منتجات لا تمتلك فيها البلاد ميزة نسبية دولية.

ورغم أن تنافسية مصر كانت تنمو بالنسبة لبعض المنتجات، إلا أن العديد منها مثل القطن والأسمدة والتبغ تشهد تراجعاً في الطلب العالمي.

وعلى الرغم من أن مصر تحتل موقعاً جغرافياً متميزاً وذا ميزة تنافسية، إلا أن معدلات التجارة أدنى من المستوى المطلوب مع 63% من الوجهات التصديرية، وتتركز بشكل مفرط مع 20% من الأسواق.

ويشير التقرير إلى أن 53% من الصادرات متداولة بشكل أدنى من المطلوب، و13% يجري تصديرها بشكل فوق المطلوب، وذلك على الرغم من أن العديد من الصادرات غير المتداولة بالشكل المطلوب هي من المنتجات التي تمتلك فيها مصر مزايا نسبية مثل المنسوجات والأسمدة.

ورغم تحرير قطاع التصنيع من التعريفات الجمركية إلى حد كبير، يظل العديد من المواد الأولية خاضعة للتعريفات الجمركية رغم تخفيفها نسبياً على مدار العقد الماضي. وتفرض اللوائح الجمركية والتجارية المشددة متطلبات معقدة للتوثيق، وتكاليف مرتفعة للتخليص الجمركي وإجراءات طويلة ومعقدة.

وأوضح أن الاتصال الفعلي بين مصر والأسواق التصديرية ضعيف، وهو ما عزاه إلى ضعف البنية التحتية المحلية للنقل، فغالبية السلع المصدرة يجري نقلها محلياً عبر الطرق البرية، وهو أمر غير فعال مقارنة بالسكك الحديدية.

وفي أحدث مؤشر للأداء اللوجستي، كان أداء مصر أقل مما ينبغي في الجمارك والرصد والتعقب، وهو ما يرفع التكلفة كما يزيد من عدم الثقة في سلاسل التوريد للاستيراد والتصدير.

واقترح البنك الدولي أن تبدأ مصر بفتح أسواق تصديرية جديدة والاستفادة من قطاعات تصديرية مع التركيز بشكل خاص على المنتجات ذات القيمة المضافة الأعلى، والمنتجات التكنولوجية، لافتاً إلى أن الحوافز التي تقدمها الحكومة من شأنها تشجيع المنتجين للمشاركة في ذلك. وأوصى بضرورة البدء في الاستثمار في تطوير البحث والتكنولوجيا للمنافسة بشكل أفضل مع الدول الأخرى.