العدد 3922
الخميس 11 يوليو 2019
banner
مكافحة خطاب الكراهية... أين السبيل؟ (2)
الخميس 11 يوليو 2019

لم يعد محتوى الكراهية الذي يروجه البعض، في الدين الإسلامي الحنيف سوى أساطير تروج للقتل والترويح، ويتناسى تماماً سماحة الإسلام وتعاليمه الربانية التي تفوق كل نصوص حقوق الإنسان ومواثيقها العصرية، ولم يجد المتطرفون في المسيحية سوى ما ارتكبه أتباعها من أخطاء بحق المسلمين، ويتجاهل الجميع السياقات التاريخية والزمنية للنصوص الدينية ويقفزون إلى أحكام نهائية تتجاهل دور العلماء الحقيقيين، ويخلعون على بعضهم البعض مسميات وألقابا تسهم في تأجيج نار الفتن ونشر التطرف الديني والتحريض على الكراهية.

الخطورة الكبرى تكمن في محاكم الأديان على ممارسات وأفكار أتباعها، أو الاحتكام للتفسيرات والتأويلات باعتبارها الناقل الأمين للنصوص الإلهية، فكيف يعقل أن تتعارض وتتضارب النصوص التي تنزلت من لدن إله واحد خالق البشر أجمعين؟! أليس فيكم رجل رشيد؟! كيف يحرض من خلق على خلقه؟ وكيف نتجاوز النص لمصلحة التفسير؟

الكراهية مفهوم وإطار أوسع من التنابذ بين أتباع الأديان والمحسوبين عليها، وعندما نطرحها للنقاش نقصد المفهوم الأشمل والأوسع، فالتعايش والتسامح لن يتحققا سوى عبر نبذ كل أشكال الكراهية ومظاهرها وممارساتها، ابتداء بالكراهية الدينية وشمولاً لأي محتوى ينشر ويبرر أو يحرض على الكراهية العرقية أو كراهية الأجانب أو الأشكال الأخرى للكراهية القائمة على عدم القبول بالآخر ومعاداة الأقليات والمهاجرين وذوي الأصول المهاجرة.

وقد أعجبتني شخصياً حملة تفنيد الأساطير، التي تنفذها إحدى المنظمات في أوروبا تحت عنوان “اختر الاحترام” وتتصدى للأساطير حول المهاجرين واللاجئين، وتهدف إلى ما تصفه بكسب “المعركة الأخلاقية”، فإحدى أخطر أدوات نشر الكراهية تكمن في نشر الأكاذيب والافتراءات والتلاعب بالعقول وتزوير الحقائق وتزييف التاريخ، وبات هذا الأمر صناعة ضخمة تنفق في سبيلها المليارات من الدولارات ليس فقط لاستهداف الدول والشعوب والأمم، لكن أيضاً لإشعال الحروب والصراعات والفتن لمصلحة جماعات ضغط وشركات عابرة للقارات وغير ذلك، وهذه الممارسات لا تقتصر على منطقة جغرافية بعينها، أو تستهدف المسلمين أو غيرهم فقط، ويكفي الإشارة إلى أن تقريرا أوروبيا رسميا حول انتخابات البرلمان الأوروبي التي جرت في مايو الماضي، كشف أن مئات الحسابات على “فيسبوك” و”تويتر” وأكثر من 100 قناة على يوتيوب تروج لخطاب الكراهية وتنشر معلومات كاذبة ورسائل متطرفة، وحسب التقرير فإن أحزابا شعبوية تلعب دورا محوريا في هذا الأمر، وهنا خطورة الاعتماد على محتوى نشر الكراهية في تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو ذاتية!

 

التصدي لخطاب الكراهية والتحريض بأشكاله كافة، دفاع عن مستقبل البشرية جميعها وهو دفاع عن مستقبل أجيالنا المقبلة، بل هو معركة أخلاقية بامتياز. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية