العدد 3914
الأربعاء 03 يوليو 2019
banner
ريشة في الهواء أحمد جمعة
أحمد جمعة
صرخة في وادي البطالة
الأربعاء 03 يوليو 2019

البطالة، السرطان الذي مهما تغذيه لا يتوقف عن التهام أجيال تتخرج سنوياً من كل التخصصات وبأعلى المستويات التعليمية، تلقى الغالبية بوظائف لا تليق ولا تنسجم مع كل المخرجات التعليمية واحتياجات سوق العمل، علماً أن آلافا من الوظائف التي يحتلها الأجانب لها ما يسدها بطابور الخريجين العاطلين، من أطباء ومهندسين وقانونيين ومحامين وإداريين... إلخ.

السؤال المعلق منذ سنوات وبغض النظر عن كل محاولات استيعاب البطالة، هو لماذا نعلم أولادنا ونهدر الملايين سواء من الدولة التي تتكفل بالتعليم، أو بجهة الأهالي الذين يسلخون مدخراتهم ثم يتجهون للديون والقروض لرؤية فلذات أكبادهم يحتلون الوظائف لتعويض سنوات الحرمان والشقاء، وفي النهاية يجدون أنفسهم هم وأولادهم وجهاً لوجه مع حوت هائل اسمه البطالة يلتهم أحلامهم، فبين سنوات التعلم وبين تفكيرهم بمستقبل مشرق يؤسسون عليه حلمهم تضيع السنوات ويشيب رأس البعض ويتآكل الحلم فتصبح الحياة للأجيال مجرد عبث، بل إن بعضهم كفر بالتعليم وردد: لو أنني بدل تضييع العمر بمقاعد الدراسة عملت بمهنة خارج سياق التعليم لكان وضعي الآن أفضل، بالطبع هذا المنطق ليس صوابا ولا يشكل حجة، لكن يريك إلى أين وصل حال اليأس لدى من يردد ذلك؟

أعرف أن هناك ملفات فتحت وبرامج وضعت، وغالباً ما نقرأ تصريحات بعض الوزراء الذين يحاولون امتصاص حالة اليأس لدى الشباب الخريجين، لكن ما يؤسف له أن هذه الحركة البطيئة ستتسبب بخسارة جيل بكامله ينتظر الفرصة، وفيما هذه الملفات تُدْرَس بين اللجان واللجان الفرعية ومكاتب التوظيف التي لا تعرض ما يوازي مخرجات التعليم، فإن الوضع سيسوء وسنخسر ليس فقط جيل الشباب وأحلامهم، بل ثقة أسرهم وأولياء أمورهم وقد تم استنزافهم خلال سنوات.

لا أملك خطة ولا استراتيجية، فأنا لست وزيرا ولا هيئة سوق العمل، لكن بظني يمكن بناء خطة إنقاذ وطنية طارئة، تشارك فيها الدولة ومؤسسات خاصة من مكونات المجتمع بإخراج رؤية محددة، وإلا سنواجه كارثة اجتماعية ستفكك المجتمع قبل حلول عام 2030! وستواجه الدولة حينها تداعيات ليست على البال ويصعب عند ذلك تداركها، لذا فالوقت الآن بيدنا باستصدار قرار وطني طارئ لعلاج سرطان البطالة قبل أن يستفحل ويصبح كابوساً مزمناً.

ليس هذا تخويفا أو مزايدة، أنا وغيري نرى الآن شبح مستقبل أولادنا يضيع وتضيع معه أحلامهم وأحلام هذا الوطن العزيز، وآمل أن تلقى هذه الصرخة آذانا صاغية قبل أن تُوصَم بالمغالاة.

تنويرة:

عندما تنام الآلهة يصحو العقل.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .