العدد 3911
الأحد 30 يونيو 2019
banner
بعد السكرة .. تأتي الفكرة
الأحد 30 يونيو 2019

ألم.. انكسار.. حسرة.. خذلان.. مرارة.. إحباط.. ضياع.. تفكّك أسري.. ودمار مجتمع، كل هذا وأكثر من لهيب نار الطلاق.

قبل أيام عدة أصدرت وزارة العدل والأوقاف والشؤون الإسلامية إحصاء رسميا يفيد بأن عدد حالات الطلاق في مملكة البحرين بلغ 1929 خلال العام الماضي، أي بمعدل 5 حالات طلاق يوميا! وهو معدل كبير جدا بالنسبة لمجتمعنا البحريني. إذ يمكننا القول إنها أصبحت ظاهرة متفشية في المجتمع لا ينبغي تجاهلها إطلاقا.

تتعدد أسباب الطلاق.. ونظرا لمعرفتي بالأهداف التي غالبا يرسمها مجتمعنا للزواج... فإني أرى أن من أهم الأسباب التي تؤدي للطلاق هو الزواج المبكر، حيث انعدام الخبرة الحياتية لكلا الزوجين وعدم الوعي والنضج الكافي وغياب التهيئة الصحيحة.

إذ لا يعرف كلاهما الأهداف الأساسية من الزواج والحقوق والواجبات المترتبة عليها.. فالزواج ليس مغامرة بوليوودية أو مجرد وسيلة لتفريغ الشهوات العاطفية والجنسية.

أضف إلى ذلك عدم توافر القدرة المادية الكافية في الغالب لتحمل تكاليف الحياة الجديدة بعد الزواج كالإنفاق على الأسرة وتوفير المسكن والكثير من المتطلبات.

ومع الأسف يتم ذلك بتشجيع من الأهل “تزوج والله بيفتحها عليك”، وكذلك استغلال توافر المساعدات من الجمعيات أو الصناديق الخيرية مثل تقديم تكاليف الزواج لذوي الدخل المحدود وتوافر الزواج الجماعي الخيري، دون الأخذ بالمعطيات الموجودة للمقدم على الزواج ودراسة إمكانه تحمل نفقات الأسرة بعد الزواج.

لابد من تأهيل وتدريب الشباب المقبلين على الزواج وأن يكون الحصول على رخصة للزواج إلزاميا كما هو الحال عند التقدم للحصول على رخصة السياقة. ويتم ذلك من قبل وزارة العدل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم عبر إنشاء هيئة مختصة بعمل دورات إلزامية لكلا الطرفين؛ لدعمهما بالمهارات اللازمة لتكوين حياة زوجية مثالية وتعريفهم بالأهداف الحقيقية للزواج وتدريبهم عمليا على فن احتضان المشاكل الزوجية البسيطة، والمرونة الكافية في المعاملة عند الغضب وغيرها من الإرشادات؛ لتفادي الوصول لمرحلة الطلاق.

يجب أن نسعى جميعا للمساهمة في الحد من ظاهرة الطلاق ونتدارك قبل أن تتحول “قبلة الحب” إلى “ قنبلة حرب” بين الزوجين يشعلها فتيل الملل والمشاكل، وكي لا يشعر أحد الطرفين أو كلاهما بأنه نادم على عجلته بالزواج أو اختيار الزوج المناسب، ثم يلجأ للطلاق.. أي بعد السكرة.. تأتي الفكرة.

 

رسالة:

“يتم الطلاق لأتفه الأسباب.. لأن الزواج يتم لأتفه الأسباب”

اندريه موروا

 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .