العدد 3910
السبت 29 يونيو 2019
banner
غباء الملالي... من يدفع الثمن؟ (2)
السبت 29 يونيو 2019

قد نختلف أو نتفق مع وجهة نظر الرئيس ترامب، لكن علينا أن نتفهم دوافعه ومبرراته، لاسيما أن الأزمة كلياً ستنتقل في فترة ما ـ طالت أم قصرت زمنياً ـ إلى مائدة التفاوض، وعلينا في دول مجلس التعاون أن نكون شركاء حقيقيين للولايات المتحدة، ونستوعب دوافع الإدارة الأميركية سواء استقرت على خيار الحرب أو المفاوضات، فالأوضاع معقدة للغاية والنظام الإيراني عدو يفتقر العقل والمنطق في ردود أفعاله، ويحتاج التصدي له إلى مقاربات في منتهى الحذر والحكمة والذكاء كي نحافظ على زمام المبادرة ولا نترك له الأمور يتصرف فيها وفق سيناريو الخراب والدمار الإقليمي الذي يسعى إليه بكل قوة وحماس.

لم يكن الرئيس ترامب بالتأكيد يريد التهرب من اتخاذ قرار الرد حين قال إن هناك غبياً داخل إيران قرر إسقاط الطائرة الأميركية، فهو يريد أن يقول إن عليه تفادي مجاراة هؤلاء الأغبياء، وعدم تركهم يمسكون زمام القيادة في هذه الأزمة بالغة الحساسية، فترامب أشار إلى أنه لن يخضع لإيران “لأن ذلك يشجع كوريا الشمالية”، ما يعني أنه يدرك حقيقة ترابط الأزمات وتماهي النظامين المارقين مع بعضهما واستفادة كل منهما من الدروس التي يوفرها تعامل الآخر مع الولايات المتحدة.

عقلية الرئيس ترامب في إيلام الخصم ربما تختلف عن عقلية الساسة التقليديين، فهو يريد أن يحقق أقصى درجات الألم ولكن ليس بالضرورة من خلال ضربة عسكرية حاسمة، ربما لأنه يدرك أن مثل هذه الأنظمة الديكتاتورية لن يؤلمها مقتل الآلاف وربما الملايين من شعوبها، لكن يوجعها للغاية أن تشعر بالتهديد الذاتي وأن تنظر للمستقبل بخوف على المناصب والكراسي التي تجلس عليها.

أعتقد أن الرئيس ترامب يمضي جاداً في مسار بناء قضية ويحشد الرأي العام العالمي وربما يحصل لاحقاً على موافقة مجلس الأمن على عملية عسكرية محدودة ضد إيران سواء من خلال تحالف دولي محدود أو الولايات المتحدة بمفردها، وفي كل الأحوال فإن شعور النظام الإيراني بالتهديد والقلق يبقى أكثر فاعلية من اندلاع الحرب، فهذا النظام البائس هو من يعيش تحت الضغط الآن وهو من يفكر في مصيره وكيفية ملاقاة ضربة أميركية لا يعلم مصدرها ولا توقيتها، وهذا السيناريو هو الأكثر نجاعة، برأيي، لكسر أنف المرشد الأعلى علي خامنئي ودفعه لتجرع السم والقبول بشروط تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية