+A
A-

نهيان بن مبارك يدشن موقع كنيسة ودير صير بني ياس

دشن اليوم موقع كنيسة ودير صير بني ياس، أول موقع مسيحي يتم اكتشافه في الدولة، بعد انتهاء عمليات الحفاظ على الموقع وتجهيزه من قبل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي لاستقبال الوفود السياحية والزوار.

وتم تدشين الموقع رسمياً من قبل معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عضو مجلس الوزراء وزير التسامح، بحضور كل من معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وسعادة سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، كما حضر التدشين جمع من الخبراء بالآثار والتراث والإعلاميين ورجال الدين.

تعود كنيسة ودير صير بني ياس إلى القرن السابع والثامن الميلادي، واستمرت في الإزدهار حتى بعد انتشار الإسلام في المنطقة، وقد تم اكتشاف مباني الموقع عام 1992، تبعها العديد من أعمال التنقيب لاستكشاف المهاجع الشرقية والشمالية بالدير والكنيسة والسور المحيط والمنازل ذات الفناء، وفي عام 1994 ثبت أن المخطط المعماري للموقع يعود لكنيسة، إذ عثر على أول صلبان مصنوعة من الجص. ولكن لم يتم تعريفها ككنيسة لعدم العثورعلى شكل الصلبان المميزة للكنيسة ضمن قطع الجص القليلة التي وجدت في الموقع والتي تحمل زخارف دقيقة. وعُثر على مئات من البقايا الأثرية في الكنيسة والدير والمنازل القريبة والتي تعكس اعتماد السكان على البحر للحصول على الغذاء، بالإضافة إلى رعي الماشية والأغنام والماعز. ويشير الزجاج والسيراميك  في الموقع إلى  تجارة السكان الواسعة في هذه الفترة عبر الخليج العربي.

وبهذا الصدد، صرّح معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح، قائلاً: "شهد موقع كنيسة ودير صير بني ياس باهتمام كبير من قبل المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، نظراً إلى قيمته التراثية والثقافية العميقة باعتباره دليلاً تاريخياً هاماً وجزءاً من التراث الحضاري للدولة، حيث وجّه بالحفاظ على الموقع وترميمه والعمل على تحسينه فور ظهور الدلائل الأولى على وجود آثار مسيحية في جزيرة صير بني ياس.  فقد لعب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، دوراً فعّالاً في دعم عمليات التنقيب عن الآثار والدراسات والبحوث المتعلقة بالتاريخ والتراث، فكان يرحّب بالبعثات الأثرية للتنقيب في الإمارة، إضافة إلى تأسيسه لمتحف العين قُبيل قيام الدولة ليضم المكتشفات الأثرية لهذه البعثات وكل ما أسفرت عنه من قطع تاريخية تقدّم لنا دلالات ثقافية غنية على نمط حياة المجتمعات التي قطنت في المنطقة من قبلنا".

وأضاف معاليه: "مكنتنا كنيسة ودير صير بني ياس من فهم تاريخنا القديم من منظور جديد، قائم على الفهم المعمق للتسامح وقبول التنوع الإنساني والذي يركّز على أهمية تبادل الحوار مع الثقافات الأخرى ومد جسور التواصل، حيث يجسد الموقع أحد أعمق صور القبول بالآخر والتنوع الحضاري، وذلك بالتزامن مع عام التسامح، والذي انطلق هذا العام مع الزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، للدولة".

يتمتع موقع كنيسة ودير صير بني ياس بأهمية استثنائية، لذلك تم إجراء التدخلات المقررة بعناية للحفاظ على الموقع منذ الانتهاء من أعمال التنقيب الأثري الأولى، حيث تم بناء منصة للزوار فوق الكنيسة عام 2010، بينما تم إعادة دفن معظم الدير. وفي الفترة ما بين عامي 2015 و2016، استكملت في دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي، وضع خطة للحفاظ على موقع الكنيسة كجزء من خطة أوسع لإدارة الجزيرة بأكملها. وتعتبر هذه الخطة فرصة لجمع معلومات عن الموقع وتقييم حالته بالإضافة إلى وضع سياسات لأعمال الحفر والأبحاث المستقبلية، وأعمال الترميم والإدارة والحفاظ على مظهر الموقع.

في عام 2018، شرعت دائرة الثقافة والسياحة في تصميم وتنفيذ حلول جديدة لحماية الموقع والتي من شأنها ضمان الحفاظ على البقايا الأثرية للموقع من المخاطر البيئية الحالية، والتقليل من التأثير البصري والمادي عليها، وكذلك تعزيز تجربة الزوار.

وقال معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي: "إن حماية المواقع الأثرية مهمة كبيرة ذات تعقيدات وارتباطات عديدة تشمل صيانتها، وتهيئتها للعرض، وتفسيرها، وإدارتها بشكل عام. وتعد منصة الزوار الجديدة في موقع كنيسة ودير صير بني ياس من أحدث الإجراءات الوقائية التي تعكس خبرة دائرة الثقافة والسياحة في مجال الحفاظ على التراث والتزامها بتحقيق حماية مستدامة وطويلة المدى للمواقع الأثرية".

تتحلى منصة الزوار بتصميم متخصص للغاية يتسّم بالمرونة والقابلية للعكس بهدف توفير حماية فعّالة وشاملة ضد المطر والحرارة والرمال والرياح وتعشيش الطيور. وتتضمن نظام تصريف للمياه مع مسار مرتفع للمشاة تتخلله نقاط شرح تدعم فهم الزائر وتقديره لتفاصيل الموقع. كما تم تصنيع وحدات التظليل الخاصة بالمنصة بسقف مصنوع من مادة التفلون (PTFE)، وهي مادة شديدة التحمل توفر الإضاءة الطبيعية ودخول الهواء، وتم تصميمها بحيث لا تصعّب نظر الزوار، بينما يمكن توسيعها في المستقبل إذا تم العثور على اكتشافات جديدة حول الموقع، وتم أيضاً تزويد المنصة بإضاءة صناعية لاستقبال الجولات المسائية. تشمل التحسينات الأخرى طريق وصول جديد ذو تربة مستقرة صديقة للبيئة، وسياجًا جديدًا لمنع دخول الحيوانات البرية والرمال، والذي تم تصميمه انسجاماً مع سائر الموقع.

مع المنصة الجديدة والبقايا الأثرية المكتشفة التي مرت بعمليات إصلاح وتهيئة للعرض وتخضع لبرنامج مستمر للعناية والحفاظ عليها، أصبح الدير مفتوحاً لاستقبال الزوار وتعريفهم بماض كان على وشك الاندثار. حيث توفر هذه البقايا، ومعظمها من غرف النوم الشمالية، منظوراً جديداً للحياة اليومية التي شهدها هذا الدير.

وتجول الحضور في الموقع واستمعوا إلى شرح عن الأهمية التاريخية للموقع ومميزاته الآثارية والمرافق والخدمات الجديدة التي يوفّرها.