العدد 3892
الثلاثاء 11 يونيو 2019
banner
مآلات الأزمة الإيرانية (1)
الثلاثاء 11 يونيو 2019

علمتنا التجارب والأحداث منذ وصول الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السلطة ألا نقف عند حدود كلماته وتغريداته، بحكم ما يمتلك من مرونة سياسية وقدرة فائقة على تجاوز المواقف والخطوط التي يرسمها لنفسه، ثم ما يلبث أن يتجاوزها واضعاً خطوطا استراتيجية جديدة تتناسب مع ما يراه محققاً لأهدافه ورؤيته السياسية.

يخطئ البعض كثيراً عندما ينطلق في بناء رؤية تحليلية حول مآلات الأزمة المحتدمة بين الولايات المتحدة وإيران من تصريحات الرئيس ترامب في طوكيو، والتي اعتبرها هؤلاء تراجعاً عن كل مواقفه الحادة تجاه النظام الإيراني، فالمؤكد أن ترامب يمتلك أهدافاً محددة في مقدمتها إجبار النظام الإيراني على الانصياع والجلوس للتفاوض والقبول بشروط البيت الأبيض، ويسعى لتحقيق هذه الأهداف سواء عبر التصعيد والحشد العسكري أو عبر الدعوة للتفاوض وترك الباب مفتوحاً لذلك في إطار توظيفه سياسة “العصا والجزرة” التي ينفذها بطريقته الخاصة التي لا تتمسك بقواعد اللعبة كما يراها الخبراء والمحللون، بل تراوح بإيقاع سريع للغاية بين التصعيد والتهدئة، ما يجعل التحليل السياسي يمضي وراء التصريحات لاهثاً لا يقدر على الإمساك بحقيقة المواقف ولا تفسير الانتقال بين التهدئة والتصعيد والعكس.

ورغم أن الجانب الإيراني يراهن بالأساس على عدم رغبة الرئيس ترامب بالحرب، على أساس أن هناك احتمالية عالية للإضرار بفرصه في الفوز بولاية رئاسية ثانية في حال نشوب صراع عسكري مع إيران قبل عام الانتخابات، لكن هذا الرهان يبقى نوعاً من المجازفة غير المحسوبة لأن الرئيس ترامب حقق على صعيد تدجين النظام الإيراني وحشره في الزاوية ما لم يحققه رئيس أميركي قبله، فالحقيقة أن ترامب نجح في جعل النظام الإيراني يشعر بخطر حقيقي، بل يتحسس مصيره، ويبعث مبعوثيه لدول عدة، ويدعو لتوقيع اتفاقية “عدم اعتداء” مع دول الجوار وغير ذلك من محاولات لامتصاص آثار الضغوط الأميركية غير المسبوقة على النظام.

الحقيقة أيضاً أن صادرات النفط الإيرانية هبطت إلى نحو 400 ألف برميل يومياً بخسارة نحو مليون برميل قبل بدء سريان حظر صادرات النفط الإيرانية في الثاني من مايو الماضي، والحقيقة أيضاً أن الصين وتركيا والهند، وهي الدول التي كانت تراهن إيران على مواقفها الرافضة للعقوبات الأميركية بحقها، انصاعت للقرار الأميركي وأوقفت شراء النفط الإيراني.”إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية