العدد 3889
السبت 08 يونيو 2019
banner
الحقيقة التي ذكرها “كويلهو”
السبت 08 يونيو 2019

نشر الكاتب البرازيلي العالمي باولو كويلهو قصة قصيرة رائعة، يقول فيها: كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته، وحين تعب الأب من مشاغبات ابنه، قام بتقطيع ورقة في الصحيفة كانت تحوي خريطة للعالم، ومزقها لمجموعة من القطع الصغيرة، وقدمها لأبنه، وطلب منه إعادة تجميع الخريطة.

ثم عاد لقراءة صحيفته، معتقدًا أن ابنه الصغير سيبقى مشغولاً بقية الوقت بتجميعها، إلا أنه لم تمر خمسة عشر دقيقة حتى عاد الابن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة، فتساءل الأب متعجبًا: هل كانت والدتك تعلمك الجغرافيا؟ فأجاب الطفل ببساطة: لا، لكن كانت هنالك صورة للإنسان على الوجه الآخر من الورقة، وعندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم.

هذه القصة الرائعة والعفوية لكويلهو، توجز القيمة المغيّبة عن أذهان الكثير من الدول والحكومات والمؤسسات والأسر أيضًا، والتي أضحى بها “بناء الإنسان” أمرًا مغيبًا، وفي نطاق ثقافة الموت السريري، فالبناء للمال، وللثروات، وللفرد، وليس للجماعة.

ولذلك كله، غرقت الكثير من المجتمعات اليوم، بمستنقعات التسطح، والتطرف، والغش، والكذب، والخداع، وسرقة جهود الآخرين، ونهب حقوقهم، هذه الثقافات السوداوية هي في طور الصعود، والتزايد، لأن “بناء الفرد” لم يعد يمثل أهمية، أو أولوية، بدءًا من الدولة، ووصولاً إلى البيت.

“بناء الإنسان” أو “بناء المواطن” هو بوابة العبور للأمم المتحضرة، الأمم التي اخترعت “التاب “ و “النت” و “الطيارة” ووصلت مركباتها الفضائية لغياهب الكون البعيدة، هذه الأمم لا تنظر للفرد، أو للعرق، أو للأسرة، أو الدم، أو النسب، وإنما لــ “الإنسان” نفسه، فمتى نعي هذه الحقيقة؟

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية