العدد 3885
الثلاثاء 04 يونيو 2019
banner
قهوة الصباح سيد ضياء الموسوي
سيد ضياء الموسوي
على مسلخ الحب (17)
الثلاثاء 04 يونيو 2019

دع الخنجر يسقط واهرب بقلبك طائرا، ما كنت حرا بل سجين سم سميته عسلا. لا تقبل أن تكون القاتل ولا المقتول (عشرون عاما فوق درب الهوى ولا يزال الدرب مجهولا، فمرة كنت أنا قاتلا وأكثر المرات مقتولا، عشرون عاما.. يا كتاب الهوى ولم أزل في الصفحة الأولى). ويقول نزار قباني نثرا: (هل لاحظتم أنَّ الجراح وحدها هي التي تملك ذاكرة قوية، وأنَّ الفرح لا ذاكرة له، الفرح عصفور من زجاج، يرتفع عن الأرض عشرة أمتار، ثم يقع على الأرض ويتهشم. أما الحزن، فهو هذه السنونوة السوداء التي تحمل أولادها وتعشعش على شواطئ العين ومدخل القلب وترفض أن ترحل”. تلك هي مشكلة العشاق الذين يجعلون من جراحهم أضرحة دراما أو جدار مبكى. وهولاء من يمتلكون ذاكرة متورمة لحب ماض عادة ما يجعلون الحاضر ضحية الماضي، وحتى إذا دخلوا في علاقة حب جديدة إنما هي علاقة باندول عن وجع رأس علاقة ماضية، وليس استمتاعا. ويقول (احذر أولئك الذين يتخذون أحباباً مؤقتين ريثما تبرأ جراحهم”. أي تعلق مرضي هو تحايل عن انكسار طفولي حدث لهذا المتعلق، هناك خلل سيكولوجي سبب جفافا عاطفيا، حوصر فترة زمنية، فتفجر في منعطفات خطيرة لهذا العاشق. الهوس بالأشياء يهفت عندما يصبح في متناول اليد لهذا البشر يتهافتون ولا ينسون من يكسر كبرياهم أو خدش نرجسيتهم. ألا تجدون أن النساء العنيدات يصبحن أكثر جمالا في اللاوعي عند الرجل؟ فالرجل وإن غضب يستلذ بتقبيل اليد التي تكسر بفأسها تمثال كبريائه كما يقول الشاعر (ولي فؤاد إذا طال العذاب به   هـام اشتياقا إلى لقيا مـعـذبه). أو ذاك الشاعر الذي يقول: (إن حكمت جارت عليَّ بحكمها   ولكن ذلك الجور أشهى من العدل). نحن مازوخيون في تعذيب أنفسنا، ونرفض الحرية في كل شيء، في المنصب والشهرة والمال والحب، وبعد ذلك نظل نبكي ونشتكي من سجون نحن نرفض الخروج منها!! كلنا أغبياء في الحب، نيتشه كان غبيا في الحب، بلزاك كان ساذجا في الحب. تشايكوفيسكي كان مختلا في الحب ولا يفرق عنهم أوسكار وايلد أو لوركا أو تشارلز ديكنز أو البيركامو أو ديدرو أو سلفادور دالي. لم أقرأ لفيلسوف أو رسام أو موسيقار إلا وجدته الأحمق في الحب، العبقري في الإبداع. لكل عشق إذا ما تم نقصان. إذًا لا تراهنوا على العشق، والأحلام العسلية، فبلحظة قدر، يتحول العشق إلى بقع زيت أحاسيس، ونفوق مشاعر على ساحل تقاسمتوه مع من كنتم تعشقون تحت أشعة شمس في جزيرة جميلة. يقول الفرنسي المسرحي فيكتوريان صاردو (نتعانق، ثمّ، في يومٍ، يسأم أحدنا الآخر، إنّه الحب). أصبحنا اليوم نعاني من حب فاستفودي (ماكدونالزي) يسبب ترهل مشاعر، وكلسترول أحاسيس قاتلا، ولا يمكن الاعتماد عليه في نظام حب صحي. صدقوني (ففي الناس أبدال وفي الترك راحة) كما يقول الشافعي .لا تضخموا من احببتهم، فيتحولوا إلى أصنام غرور. يذلون وجودكم، يستسخفون سهركم. يتفنون في طعن قلوبكم انطلقوا في الحياة في توازن، فالعالم منفتح جمالا وسعة وجود للراحة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .