+A
A-

صحيفة بوبليكو الإسبانية: على أردوغان أن يقرر قريباً إما أميركا أو روسيا

عنون تقرير في صحيفة بوبليكو الإسبانية بـ"تركيا أردوغان تتأرجح ما بين الولايات المتحدة وروسيا"؛ ومن هذا المنطلق تناولت موضوع اقتناء أنقرة نظام الصواريخ الروسية S-400 وعمله على التقريب ما بين الأتراك وموسكو. وأنه سيتعين على أردوغان أن يقرر في الأيام القادمة ما إذا كان سيتمسك بالاتفاق مع الروس، علماً أن هذا يجعل تركيا باتت أول دولة تابعة للناتو تدخل إلى قوتها أسلحة روسية استراتيجية.

وتقول الصحيفة الإسبانية إن الوضع خطير وصعب حيث سيتعين على الرئيس التركي اتخاذ قرار نهائي في الأسابيع المقبلة لإنهاء هذه الشوشرة بطريقةٍ أو أخرى؛ مع الأخذ بالحسبان أن العقوبات التي أعلنتها واشنطن ستضر فعليًا بالاقتصاد والاستثمارات الدولية في تركيا بشكلٍ عام.

وسوف يؤدي اقتناء أنقرة نظام الصواريخ الروسية S-400 إلى تقريب الأتراك من موسكو وسيتعين على تركيا أن تختار بين البقاء مع بوتين أو تتراجع. بدورها تؤكد الولايات المتحدة أن تنفيذ الاتفاق من شأنه أن يُعرّض وحدة حلف الناتو للخطر ويهدد أنقرة بفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية.

من جانبٍ متصل، دخلت العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة مرحلةً من الأزمة الحادة، وذلك بعد أن اتخذ الرئيس رجب طيب أردوغان قرارًا بامتلاك النظام الصاروخي المتقدم أرض-جو S-400 روسي الصنع. من جهتها، اعتمدت أنقرة ذلك القرار في أبريل من عام 2017؛ كما يُتوقع الانتهاء من عملية النشر قبل يوليو، وهذا هو السبب في زيادة التوتر السياسي والعسكري الملحوظ في الفترة الأخيرة.

بدورها، هددت واشنطن بفرض عقوبات واسعة النطاق ضد أنقرة في حال نشرت النظام الروسي، وتشتمل العقوبات الاقتصادية والعسكرية على إلغاء بيع طائرات مقاتلة متقدمة طراز F-35 الجيل الخامس، والتي دفعت تركيا مقابلها 1,25 مليار دولار، والتي ستخسرها في حال امتلكت صواريخ S-400.

في السياق، حذّرت مستشارة أردوغان جولنور أيبيت هذا الأسبوع من أن تركيا يمكن أن تقترب بدرجةٍ أكثر من موسكو، مما يوحي بأنها قد تعتبر روسيا الشريك الاستراتيجي الرئيسي لتحل محل الولايات المتحدة في حال فرض الأميركيون عقوباتٍ تجعل الموقف لا رجعة فيه.

إلى ذلك، زار أردوغان موسكو يوم 8 أبريل، مؤكدًا للرئيس فلاديمير بوتين أنه لن يتراجع عن امتلاك نظام S-400. في حين كان رد الرئيس الروسي بأنه في حال استيفاء العقد الذي وقعه البلدان، يمكن لروسيا أن تنقل إلى تركيا المزيد من المعدات العسكرية إضافةً إلى التكنولوجيا العسكرية.

وكانت موسكو قد عرضت تصنيع بعض مكونات نظام S-400 في تركيا. ويُشير الاتفاق، الذي تُقدّر قيمته بنحو 2,5 مليار دولار، إلى أن قدم موسكو قد تطأ إحدى أكبر دول الناتو. ولكن ذلك يعني -في الوقت عينه - أن دول الناتو ستنضم حتماً إلى العقوبات التي يروج لها الكونغرس الأميركي ضد تركيا.

إلى ذلك، لا يمكن أن تفاجئ الأزمة أي شخص وقد كانت تُعد جيدًا طيلة العامين الماضيين، رغم أنها بدت في أوجها في الأسابيع الأخيرة. ستبدأ العقوبات الأميركية التي فرضها الكونغرس تلقائيًا عندما تصل الصواريخ الروسية إلى تركيا، وذلك وفقًا للقانون الصادر عام 2017.

من جهةٍ أخرى، تحتج واشنطن بأن صواريخ S-400 وطائرات F-35 متعارضة، لذلك يجب على أردوغان اختيار إحداهما، حيث لا يستطيع الحصول على كليهما في الوقت عينه. علاوةً على ذلك، تتزايد الضغوط يومًا بعد يوم، كما سيتعين على أردوغان في أقرب مدة اتخاذ القرار النهائي بشأن شريكه المفضل. من جانبه أعرب نائب الرئيس مايك بينس قبل بضعة أيام، قائلًا "يتعين على تركيا أن تقرر" بين الاستمرار في حلف الناتو أو التحالف مع روسيا.

في حال استمر أردوغان في تحديه، فمن المحتمل جدًا أن يقوم الناتو بإزالة الرادار المتقدم الذي نشره في كوريجيك، مما يضطر تركيا للحصول على رادار مماثل من روسيا.

في المقابل، يحتج الجانب الأميركي بأن الرادار الذي يحمل نظام S-400 سيتعارض مع رادار كوريجيك، وأنه سيؤثر على برنامج الطيران وعلى عمليات طائرات F-35؛ إذ لن يكون من المنطقي بمكان بيع طائرات F-35 إلى أنقرة إذا كانت تعطي صبغةً رسمية لامتلاك نظام S-400.

بينما كان رد الأتراك على تلك الادعاءات بأن طائرات F-35 ستُنشر في جنوب شرقي البلاد، بالقرب من سوريا والعراق وإيران؛ بينما تم تصميم نظام S-400 لحماية مدينتي إسطنبول وأنقرة، والتي تقع في غرب البلاد، بالتالي يجب ألا تكون هناك ثمة مشاكل بين الصواريخ الروسية والطائرات الأميركية، وهو ما لم يُقنع واشنطن.

يقول الأميركيون إنهم عرضوا على تركيا بديلاً قابلاً للتطبيق وهو نشر نظام صواريخ باتريوت المضاد للصواريخ في البلاد؛ بيد أن أنقرة تؤكد أن المفاوضات في هذا الشأن لم تكن مُرضية كون واشنطن تفرض تحفظات وقيودا عديدة حيال هذا الحل.

وفي معرض تعقيد الأمور، ذكر البنتاغون أنه يعتزم بيع طائرات F-35 لليونان، الخصم الإقليمي الأكبر لتركيا. إذا حدث ذلك ولم يقم الجانب الأميركي ببيع طائرات F-35 إلى تركيا، فسيضطر أردوغان إلى امتلاك طائرات Su-35 أو Su-57 روسية الصنع، والتي تشبه في قدراتها طائرة F-35، مما سيقرّب أنقرة أكثر من روسيا.

من جانبٍ متصل، سيترتب على كل ما سبق تداعيات وعواقب قد تكون في غاية الخطورة بالنسبة لتركيا؛ لذا فإن أردوغان يُبقي على الباب مشرّعًا حيال واشنطن. في السياق، التقى قبل بضعة أيام وزير المالية بيرات البيرق -صهر أردوغان- في واشنطن بالرئيس دونالد ترمب بحثًا عن مخرجٍ من الأزمة.