العدد 3837
الأربعاء 17 أبريل 2019
banner
انشر... ولك الأجر
الأربعاء 17 أبريل 2019

يتبادر إلى ذهني كلما فتحت هاتفي للتواصل الاجتماعي وخاصة “واتساب”، كيف كان التواصل في العصور القديمة، حيث كانت الرسائل تصل إلى البعيدين بعد أيام وشهور، وكانت تُنقل على ظهور الدواب، أما من كان يمتلك بعض الرفاهية فيرسلها عبر الحمام الزاجل، أو مع مرسل، كيف كانت فعلًا معاناة حقيقية.

ومع التقدم الصناعي، ظهر صندوق البريد، وكان امتلاكه يعد رفاهية، فالكثيرون لا يمتلكون عنوانًا بريديًا، بل يتم إرسال الرسائل إليهم عبر أشخاص استطاعوا الحصول على تلك الصناديق البريدية. وأذكر أنه كان لدي صديق مصري يدرس معي في المملكة، وعندما أراد السفر إلى بلده، طلبت منه عنوانه البريدي من أجل التواصل معه، إلا أنه أعطاني عنوان قريب له يعمل في مصلحة حكومية؛ من أجل أن يقوم بتوصيل الرسائل إليه فيما بعد.

ورغم ظهور تقنية الفاكس والتلكس، إلا أن استخدامهما اقتصر في معظم الحالات على الأمور المستعجلة والرسمية. ومع الطفرة التقنية الحديثة ظهر لنا الإنترنت والبريد الإلكتروني، حيث أصبح بالإمكان إرسال الأخبار عبر القارات في لحظات، فها هي الرسائل النصية تعبر العالم بضغطة زر، وأنت في مكانك تتناول قدحًا من الشاي.

وقد أصبح البعض يحاول الاستفادة من تلك التقنية، إيجابًا كان أو سلبًا. ومن بعض السلبيات التي قد يرتكبها مستخدمو “واتساب” عن غير قصد، أو بقصد، أسرد ما حدث لي مؤخرًا. فقد أرسل لي أحد الأصدقاء “رسالة عبر واتساب” تحتوي على بعض النصوص، ثم قمت أنا بإرسالها إلى أصدقائي من أجل أن تعم الفائدة. وبعد مضي أقل من عشر دقائق، وصلتني رسالة عبر “واتساب” من أحد الأصدقاء في دولة أخرى، يخبرني فيها أن هذه النصوص غير صحيحة وغير موثقة، الأمر الذي وضعني في حرجٍ شديد، وكان لابد من تصحيح الموقف، فقمت بإرسال مذكرة اعتذار إلى أصدقائي الذين أرسلت إليهم تلك النصوص سابقًا.

لقد أصبح التواصل الاجتماعي وسيلة سهلة للاتصال بالمئات في وقت واحد، وأصبح يتم تداول الكثير من المعلومات عن شتى الموضوعات. والبعض يرسل لك رسالة عبر الهاتف الجوال أو البريد الإلكتروني، ويخبرك بأنك إذا أرسلتها إلى عشرة أشخاص، ستسمع خبرًا سارًا فيما بعد. كما تتلقى رسائل عن منتجات حديثة لا تحتاجها، وأحيانا تأتيك قصة عن أسرة تبحث عن ابنها المفقود، وفي نهاية الرسالة تقرأ عبارات مثل “لا تدعها تقف عندك، اجعل غيرك يستفيد ولك المثل” أو “قد يكون هذا أفضل بريد سترسله طيلة حياتك”، وغيرها من العبارات التي تحاول أن تدفعك للتفاعل مع هذه الرسالة أو تلك.

من المفيد والرائع أن نستقبل رسائل تبدو في ظاهرها مفيدة للآخرين، ولكن قبل أن نرسلها هل فكرنا في تحري صحة أو صدق ما ورد في هذه الرسالة؟ أليس علينا توخي الحذر والتأكد من صحة المعلومات التي سوف نقوم بتحويلها إلى أصدقائنا في شتى بقاع الأرض! الحقيقة في الموضوع، أن بعضنا يتبع مبدأ “انشر ولك الأجر”، ولكننا لا نعلم إن كنا سنكسب الأجر أم الإثم من جراء نشرها، رغم أن القليل من تحري دقة المعلومة التي تصل إلينا، قد يمنع الكثير من الأخطاء التي قد تقع، لا قدر الله.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية