العدد 3803
الخميس 14 مارس 2019
banner
العبث بالوعي واللعب على الأرقام
الخميس 14 مارس 2019

قبل حوالي عشرين عاماً، حدث ما يشبه المساجلات بين الكاتب الصحافي الصديق عقيل سوار، وأحد المسؤولين السابقين في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية (آنذاك) بسبب ما يعرضه عن أرقام البطالة ونسبها في أشكال وألوان ورسوم بيانية. منذ ذلك الحين وأنا أستعيد هذه العبارة وأشكك في من يستخدمون أساليب “الحواة” في إخراج الأرنب من القبعة، وتطيير الحمامة من كمّ القميص، واستبدال الشرائح بالشرائح في العروض، وحشوها بالكثير من الأرقام.
منذ سنوات، أُتخمنا بالحديث عن المشاريع التي نستقطبها، والافتخار بتسجيل كذا شركة برأس مال كذا مليون دينار، والانبهار بأنه صارت لدينا سلسلة من السوبرماركت العملاقة، والاستثمارات الأجنبية التي – لو جمعنا هذه التصريحات لرأينا أنها - توفر عشرات الآلاف من فرص العمل، والسؤال: فرص العمل لمن؟ سأزيد الأرقام أرقاماً، والإحصاءات غموضاً وإبهاماً. ففي مساجلات وزير العمل والتنمية الاجتماعية مع مجلس النواب يقول إن 6 شركات أحيلت للقضاء، لأنها لم تدفع رواتب موظفيها وهم 620 موظفاً منهم 34 بحرينياً أي يمثلون 5.48 % فقط!
وترينا الأرقام أن من جرى تسجيلهم في سجلات التأمين الاجتماعي في الربع الرابع من العام الماضي بلغ 7895 مواطناً ومواطنة، في مقابل 68 ألفا “غير بحريني”، هذا من غير الحديث عن “الفري فيزا” ومن لفّ لفّهم. وأن 79 % من البحرينيين المؤمّن عليهم في القطاعين العام والخاص، رواتبهم تقل عن 1000 دينار شهرياً، أي أنه لا يمكن اعتبارهم حتى من أصحاب الدخول المتوسطة في ظل تصاعد الأسعار والضرائب متعددة الأوجه، خصوصاً إذا علمنا أن أكثر من نصف البحرينيين المؤمّن عليهم (54 %) في القطاعين العام والخاص رواتبهم أقل من 600 دينار شهرياً.

أعيد طرح السؤال: أين هي الملايين التي تنصبّ في البلاد صبّاً؟ وكم وظفت من المواطنين؟ وأي الوظائف التي نالوها في هذه المشاريع الضخمة؟ وكم أسهمت في حلّ مشكلة البطالة، وفي المقابل كم أنهكت الحكومة في استقبال العمالة الوافدة وإسكانها واستهلاكها الموارد والخدمات والبنى التحتية وكم ستنظف وراءها؟ وما جدوى الملايين الآخرين الذين يفدون إلى البلاد، وما انعكاس المراتب المتقدمة عالمياً التي نحصدها عالمياً في شتى المجالات حتى بتنا لا ندري إن كان الحديث عنا أم عن مكان آخر لا نعرفه.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية