ليس كل ما يصدر عن الأمم المتحدة من تقارير له أهمية وتأثير على أرض الواقع، وليس المهم محتوى التقرير وما يتضمنه من أمور خطيرة، لكن المهم الدولة أو الشخصيات التي صدر بشأنها التقرير، فقد يكون التقرير موثقا لجرائم خطيرة ضد الإنسانية لكنه لا يساوي الحبر الذي كتب به طالما أن هذا التقرير يدين الولايات المتحدة أو أحد مسؤوليها أو يدين إسرائيل أو أحد مسؤوليها.
التقرير الأممي الذي صدر مؤخرا يقول إن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد الإنسانية فيما يتعلق بقتل ١٨٩ فلسطينيا وإصابة أكثر من ٦١٠٠ خلال احتجاجات في قطاع غزة العام الماضي، وقالت اللجنة التي أعدت التقرير إن لديها معلومات سرية حول المسؤولين عن هذه الجرائم ومن بينهم قادة عسكريون إسرائيليون وقناصة، وأفادت اللجنة أيضا أن عمليات القتل تمت بالذخيرة الحية وأن كثيرا من القتلى والمصابين لم يكونوا مشاركين في أعمال عدائية ضد إسرائيل.
ويغطي هذا التقرير الأممي الفترة من ٣٠ مارس إلى ٣١ ديسمبر ٢٠١٨ ويستند إلى مئات المقابلات مع ضحايا وشهود وتسجيلات فيديو وسجلات طبية وصور التقطتها طائرات مسيرة وصور فوتوغرافية.
وبطبيعة الحال طالبت منظمة العفو الدولية بضرورة محاكمة المسؤولين عن هذه الجرائم، لكن متى حوكمت إسرائيل على جرائمها؟ أو متى سمحت الولايات المتحدة بمحاكمة إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية؟ وبطبيعة الحال أيضا رد رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو بتوجيه التهمة للجنة صاحبة التقرير بأنها فعلت ذلك بسبب كراهيتها لإسرائيل.
إسرائيل إذا تقتل من تشاء ولا تعطي أهمية لصور ومستندات التقارير الأممية ولا مطالبات منظمة العفو الدولية بمحاكمة قادة إسرائيل الذين تلطخت أيديهم بدماء الفلسطينيين منذ أكثر من ستين عاما وحتى الآن.
قرارات وتقارير الأمم المتحدة لا تفعل إلا ضد من تستضعفهم الولايات المتحدة وتستطيع ابتزازهم والضغط عليهم.