العدد 3797
الجمعة 08 مارس 2019
banner
“ارحموا ظريف قومٍ مَل” (2)
الجمعة 08 مارس 2019

رغم السنوات الطويلة التي قضاها ظريف لدى “الشيطان الأكبر”، ورغم تقديمه استقالته على الطريقة “الأميركية الترامبية”، فلا شك لدي بأنه إيراني مئة بالمئة ومؤمن بآيديولوجيا النظام الحاكم مئة بالمئة، وكل ما هنالك أنه اختلاف حول إدارة الأمور لتحقيق نفس الأهداف، لا أكثر ولا أقل.
 يوجد الكثير مما يمكن قوله حول الخلافات والتشرذمات الداخلية الإيرانية، لكن ذلك ليس شأني، كما لا يعنينا كثيراً بقدر ما تعنينا خصوصا نحن في الخليج السياسة الإيرانية تجاه الخارج، فهذه السياسة أصبح المثل الخليجي الشهير ينطبق عليها: “إذا كثروا النواخذة طبع المركب”، فوزارة الخارجية وحدها تدار من عدة أطراف، الوزير والحكومة ومجلس الأمن القومي والحرس الثوري وعدة جهات أخرى وصولاً إلى المرشد الذي يملك مبعوثين خارجيين يقومون بصولاتهم وجولاتهم الخاصة بعيداً عن الخارجية.
خلال العام الماضي فقط دخلت الخارجية الإيرانية في أزمة دبلوماسية مع ثلاث دول أوروبية هي ألمانيا وفرنسا وبلجيكا على خلفية اعتقال دبلوماسيين إيرانيين لهم تواصل بأشخاص إيرانيي الأصل خططوا للقيام بعملية إرهابية في فرنسا، والشهر الماضي تم اعتقال السفير الإيراني في كينيا على خلفية تهريب سجينين من الحرس الثوري الإيراني متهمين بالإرهاب أيضاً، أما على مستوى التصريحات المتناقضة والمتضاربة تجاه الخارج بما فيه دول الخليج، فحدث ولا حرج، ما بين وزارة الخارجية أو الرئيس أو قيادات الحرس الثوري أو المرشد.
ربما تكون استقالة ظريف مجرد مناورة للحصول على صلاحيات أكثر أو لضبط الإيقاع الخارجي بشكل أفضل، وربما تكون بالفعل صرخة ناتجة عن شعور عميق بالإحباط والملل من هذا الدور، وعلى أية حال، ما يمكننا استنتاجه مما حدث: أولاً اهتزاز صورة الصلابة والتماسك للإدارة الإيرانية التي كانت تحرص على رسمها خصوصا بعد العقوبات الأخيرة.
ثانياً ان الإصرار على إبقاء ظريف في منصبه يشير إلى التمسك بخيار التفاوض حول الاتفاق النووي على الأقل مع الأوروبيين، والمتوقف حالياً على الانضمام والتنفيذ الكامل لقواعد مجموعة العمل المالية (FATF) المتعلقة بغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهذا يعني التأثير الكبير والمباشر على تمويل إيران أذرعتها في الخارج.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية