+A
A-

المحكمة المدنية تعوّض نائبا سابقا تعرض له مواطن بالسب والشتم

قال المحامي محمد العثمان إن المحكمة الكبرى المدنية قضت بتعويض نائب سابق في البرلمان بمبلغ 2000 دينار ألزمت بها أحد المواطنين، والذي تعرض لموكله بالسب والشتم علنا عبر برامج التواصل الاجتماعي، ولم يقم بحذف تلك الإهانات والشتائم بعد الواقعة.

وأوضح أن وقائع الدعوى تتمثل في أنه بغضون العام 2017 اعتدى المدعى عليه على المدعي بالسب والقذف العلني بأن وجه له ألفاظا تخدش من شرفه واعتباره ونسب للمدعي أمورا مشينة تمس بكرامته، وتجعله موضع ازدراء في المجتمع، خاصة أن المدعي له اعتباره ومكانته المرموقة والمحترمة بين أفراد المجتمع، كما أنه كان عضوا بمجلس النواب وله موقعه السياسي والاجتماعي على حد تعبيره.

وأشار إلى أن المدعي تقدم بشكوى جنائية لدى الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والالكتروني، وذلك بإساءة استعمال أجهزة المواصلات السلكية أو اللاسلكية، وتعرضه للإساءة من قبل المدعى عليه بنشره تدوينات مسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع الكترونية أخرى، وقد صدر حكما نهائيا وباتا ضد المدعي عقابا على الجرم المؤثم قانونا.

ولفت إلى أنه تم تحريك دعوى مدنية للمطالبة بالحق المدني المتعلق بالتعويض عن الأضرار الأدبية التي أصابت المدعي من جراء خطأ المدعى عليه، وذلك تأسيسا على نص المادة (158) من القانون المدني والتي تنص على أنه "كل خطأ سبب ضرر للغير يلزم من أحدثه بتعويضه".

وثبت خطأ المدعى عليه من خلال صدور حكم جنائي ضده اكتسب الحجية وأصبح عنوانا للحقيقة، بحيث استمدت منه المحكمة المدنية مدى توافر الخطأ من جانب المدعى عليه؛ وذلك ما يؤكد انعقاد المسؤولية عن الأضرار التي لحقت بالمدعي وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية وبالتالي إلزامه بتعويض جابر للضرر.

وتابع، أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الالكترونية بصورة سليمة يتطلب اليقظة والتبصر وعدم الإساءة للآخرين، حيث أن الحق في حرية التعبير أمرا مسلما به متى لم يتم الاعتداء به على الغير، إذ تنتهي حرية الفرد حين تبدأ حرية الآخرين، وهو مبدأ عام في الإعلام بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.

ونظرا لإصابة المدعي بأضرار أدبية ومعنوية نتيجة فعل المدعى عليه، ولما كانت المادة (162) من القانون المدني تنص على أنه "يتناول التعويض عن العمل غير المشروع الضرر ولو كان أدبيا... ويشمل الضرر الأدبي على الأخص ما يلحق الشخص من أذى جسماني أو نفسي نتيجة المساس بحياته أو بجسمه أو بحريته أو بعرضه أو بشرفه أو بسمعته أو بمركزه الاجتماعي أو الأدبي أو باعتباره المالي. كما يشمل الضرر الأدبي كذلك ما يستشعره الشخص من الحزن والأسى".

كما أن أوراق الدعوى وما تحويه من مستندات توضح بأن المدعي قد لحقت به أضرار أدبية ومعنوية التي تتمثل في جرح سمعته وشرفه والمساس بكرامته على مرأى جمهور المتابعين في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية الأخرى، واستغرق المدعى عليه في تسطير العبارات والكلمات النابية وتلك التي تشكك في وطنية المدعي وتجعله محط ازدراء وتحقير في مجتمعه، وقد تطاول بالسب والشتائم ومنابزة المدعي في شرفه واعتباره وذلك بنعته وإصراره على الإساءة والتجريح بلغة رخيصة واتهامات مرسلة.

وأشار إلى أن قضاء محكمة التمييز البحرينية جاء فيه أن "كل ضرر يؤذي الإنسان في شرفه أو اعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره يصلح لأن يكون محلا للتعويض"، بل وذهبت "المحكمة" إلى أبعد من ذلك حين قررت في حكم تمييزي سابق "وأن الضرر الأدبي الذي يشمل بما يصيب الإنسان في نفسه من ألم وأسى هو مما يجب التعويض عنه متى كان محققا يستوي في ذلك أن يكون قد وقع بالفعل أو سيقع حتما في المستقبل".

كما قرر العثمان أن مرافعته اشتملت على أنه لما استقر في يقين المدعي من أذى نفسيا وعلى الصعيد الاجتماعي ولما بلغت به الإساءة حدا لا يطاق؛ ولاستمرار المدعى عليه في الإبقاء على ما نشره واضحا للعيان لغاية اليوم ولم يقم بمسحه أو حذفه، فإن العلاقة السببية تكون واضحة وضوح الشمس؛ وهي تلك الرابطة التي تربط بين الخطأ والضرر الذي لحق بالمجني عليه والتي تمثلت في علاقة السببية بين الخطأ والضرر - وعلاقة السبب بالمسبب فلولا الخطأ ما كان الضرر.

ومن خلال ما سبق عرضه من وقائع والنتيجة التي حدثت للمدعي فقد وضحت رابطة السببية بين الخطأ والضرر الذي أصاب المدعي الذي تتوافر معه عناصر المسؤولية التقصيرية في حق المدعى عليه.

وأكد على أن الحكم القضائي سواء الجنائي أو المدني يحقق غايات المشرع البحريني من العقوبات الجنائية المتعلقة بالمساس بكرامة الإنسان والحط من اعتباره في مجتمعه ووطنه، وجبر الضرر الأدبي، وإن مثل هذه الأحكام القضائية تؤسس لمجتمع صحي يتداول الآراء والأفكار ويحمي كرامة الإنسان واعتباره.