+A
A-

أكبر مجموع حكائي شعبي على مستوى الوطن العربي

في حدث هو الأول من نوعه على المستوى العربي يجدد تأكيد ريادة وأسبقية مملكة البحرين في الجانب الإنساني والثقافي، تم تدشين موسوعة «الحكايات الشعبية البحرينية: ألف حكاية وحكاية»، والتي تعد أكبر مجموع حكائي شعبي على مستوى الوطن العربي تمَّ حتى الآن، فالموسوعة الضخمة تتألف من 2500 صفحة موزعة على خمسة مجلدات من القطع الكبير لتكون أول موسوعة للحكايات الشعبية البحرينية، تُجمع بهذا الحجم والجهد والتنوع والإتقان.

وتأتي «الحزاوي» - كما تسمى في البحرين - منافساً قوياً لمختلف فنون القول الشفاهي لاتصالها بالقص والتأثير الشخصي لطريقة سرد الرواة. ورغم كل ظروف الحياة المعاصرة وتغيرات أنماط العيش، فإن ذاكرة أجيال حية لا تزال بها بقايا من أحداث تلك الحزاوي التي ألهبت الخيال وشكلت بذور الوعي بعالم متخيل جميل.

ونهضت جامعة البحرين بمهمة إجراء عملية المسح والتدوين، برعاية رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور رياض يوسف حمزة، ومشاركة رئيس المنظمة الدولية للفن الشعبي علي عبدالله خليفة، وعدد كبير من الأساتذة والطلبة والمثقفين والمهتمين بالتراث والفلكلور الشعبي، واستغرق انجاز هذا العمل الضخم عشرة أعوام، وعمل 100 طالب وطالبة، على إجراء عمليات مسح وتدوين وتحقيق الحكايات الشعبية من 1200 راوٍ وراوية يتوزعون بين قرى ومدن البحرين، تتراوح أعمارهم بين 50 و82 سنة.

المشروع الكبير تم بالتعاون مع "الثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر" و"المنظمة الدولية للفن الشعبي".

وقد ولد المشروع فكرةً تقدم بها الشاعر البحريني علي عبد الله خليفة عام 2007، حيث لفت انتباه أكاديمية متخصصة في السرديات هي الدكتورة ضياء الكعبي، إلى عدم وجود تدوين متسع للحكايات الشعبة البحرينية رغم ثرائها وتنوعها الخلاق، مؤكداً على ضرورة تدوين الحكاية الشعبية البحرينية باللهجات الشعبية المحلية دون تحويلها إلى الفصحى؛ سعياً إلى الحفاظ على صورة المروية الشفاهية الشعبية كما قِيلت.

وحرص القائمون على إعداد الموسوعة على أن تنقل الحكايات من أفواه الرواة مباشرة أما الملمح الأكثر بروزاً فهو تدوين هذه الروايات والحكايا باللهجات المحلية وكما رواها أصحابُها بلكناتهم المحكية؛ مما يجعلنا أمام إسهام مهم يتكئ على الحكاية الشعبية، ويجعلها القاعدة التي يمكن للباحثين والنقاد أن يستلهموا منها تداعياتٍ اجتماعية، وثقافية، وأنثروبولوجية، وتاريخية؛ الأمر الذي يكرس الأهمية البالغة لمثل هذه المشاريع».

وتميز إنجاز هذا المشروع بتغطية شاملة للرقعة الجغرافية البحرينية، ولأول مرة بتعدد كبير للرواة وباختلاف المناطق وتعدد اللهجات، إلى جانب تحقيق المرويات وتدوينها وتقريب النصوص لبعضها وفرز ما هو متكرر أو ضعيف منها مع الإصرار على أن تكون النصوص بلهجة راويها تحقيقاً للشروط العلمية التي يقتضيها الجمع الميداني للمادة الشفاهية.

كما خضع المشروع برمته إلى التحكيم العلمي، وأشرفت على لجنة التحكيم الدكتورة نور الهدى باديس، مديرة البحوث الميدانية بالثقافة الشعبية للدراسات والبحوث والنشر، وقد أصبح العمل الذي استمر لعشر سنوات عملاً مبدئياً اعتمد المسح الميداني الشمولي بلهجة أهل المكان ليخضع إلى التصنيف والتوثيق والحفظ.