العدد 3783
الجمعة 22 فبراير 2019
banner
40 عامًا من الجنون الثوري (2)
الجمعة 22 فبراير 2019

سقط الجميع في فخ حفره النظام الإيراني كي يشغل الباحثين والساسة بفكرة الإصلاحيين والمحافظين، في إطار تبادل مدروس للأدوار، ونجح في ذلك بجدارة، فتارة نرى ارتفاع منسوب التفاؤل الدولي والإقليمي بتوجهات النظام الإيراني، وتارة أخرى تأتي انتكاسة تبدد أجواء التفاؤل الوهمي الذي خيم على أفكار من ينتظرون خيراً من نظام لا يكف عن السعي لتوسيع نفوذه عبر إثارة الفتن والاضطرابات في الكثير من دول المنطقة، ناهيك عن عدم اعترافه بكل المبادئ والقوانين والأعراف التي تأسس بموجبها النظام العالمي القائم، وفي مقدمتها احترام سيادة الدول والالتزام بحسن الجوار.

قد يجادل البعض في ذلك، لكن الموضوعية تقول إنه لو احتكمنا للواقع سنرى العجب، فهل يعقل على سبيل المثال بعد مرور أربعين عاماً على ثورة ترفع شعارات إسلامية أن يستمر قادتها في احتلال أراضي دولة عربية مجاورة، وأقصد هنا الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى) بل يرفضون كل سبل تسوية القضية سلمياً سواء عبر التفاوض الجاد المباشر أو عبر إحالة القضية للتحكيم الدولي؟ وهل يعقل بعد مرور أربعة عقود على ثورة ترفع شعارات إسلامية أن يتباهى قادتها باحتلال أربع عواصم عربية وتشريد ملايين المواطنين العرب من ديارهم ودفعهم للجوء والنزوح؟ وهل يعقل أن تتعهد ميلشيات طائفية تسيطر على نظام طائفي بأن تستمر في احتلال مناطق ودول مجاورة وتتعهد بألا تسحب ميلشياتها من أية دولة؟

يقول نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، العميد حسين سلامي بمناسبة ذكرى الثورة إنه “لا يمكن أن يطلب منا العدو الرحيل عن المنطقة، هم يجب أن يغادروا، سنساعد أي مسلم في أي مكان بالعالم”، ونريد أن نعرف ما طبيعة المساعدة التي يقدمها الحرس الثوري لملايين المسلمين الذين تشردوا في سوريا والعراق وطردوا من مدنهم بسبب مخططات إعادة الهندسة الديموغرافية الإيرانية في هذه المدن؟ وماذا استفاد ملايين اليمنيين من الفوضى والاضطرابات التي تسببت فيها ميلشيات الحوثي في البلاد بدعم وتحريض إيراني تام؟

لا أعتقد أنه بعد مرور أربعين عاماً من الثورة أن ينتظر عاقل بلوغ هذا النظام سن الرشد السياسي، فما فات كان كفيلاً بعقلنة السلوك السياسي، ولكن هذا لم يحدث ولا توجد بوادر على حدوثه، فملالي إيران لا يعترفون بمنطق الدولة من الأساس كي يقوموا ببناء دولة حقيقية. “إيلاف”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية